قوله تعالى: ﴿ يا بني آدم إما يأتينكم رسل منكم ﴾ سبق الكلام على "إما" وجواب الشرط في سورة البقرة عند قوله: ﴿ فإما يأتينكم مني هدى ﴾ (١).
وما بعده ظاهر ومفسر إلى قوله: ﴿ أولئك ينالهم نصيبهم من الكتاب ﴾ أي: ما كتب لهم في اللوح المحفوظ من الخير والشر والأرزاق والأعمار وغير ذلك، ﴿ حتى إذا جاءتهم رسلنا يتوفونهم ﴾ حتى غاية لنيلهم نصيبهم واستيفائهم له، المعنى: أولئك ينالون نصيبهم ويستوفونه إلى وقت وفاتهم، وهذه "حتى" هي التي يبتدأ بعدها الكلام، والكلام هاهنا الجملة الشرطية، و"يتوفونهم" حال من "الرسل" (٢).
والمراد بالتوفي: الموت. وقيل: الحشر إلى النار.
فعلى الأول؛ المراد بالرسل: مَلَك الموت وأعوانه، وعلى الثاني: ملائكة العذاب.
﴿ قالوا ﴾ يعني: الرسل على وجه التوبيخ لهم، ﴿ أينما كنتم تدعون من دون الله ﴾ من الآلهة، ﴿ قالوا ضلوا عنا ﴾ أي: غابوا فلا نراهم، وبطل ما كنا نرجوه من النفع بهم، فاعترفوا بأنهم لم يكونوا على شيء حين لا ينفعهم الاعتراف، ﴿ وشهدوا على أنفسهم ﴾ عند معاينة الموت. وقيل: لدى الحشر، ﴿ أنهم كانوا كافرين ﴾.
قال ادْخُلُوا فِي أُمَمٍ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِكُمْ مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ فِي النَّارِ كُلَّمَا دَخَلَتْ أُمَّةٌ لَعَنَتْ أُخْتَهَا حَتَّى إِذَا ادَّارَكُوا فِيهَا جَمِيعًا قَالَتْ أُخْرَاهُمْ
(٢)... انظر: الدر المصون (٣/٢٦٤-٢٦٥).
(١/١١٥)