والمعنى: لا يدخلون الجنة حتى يلج الجمل في ثقب الإبرة، أي: حتى يكون ما لا يكون من ولوج الجمل -الذي يضربون به المثل في عظم الأجرام وامتداد الأجسام، حتى قال الشاعر:
................................ جِسْمُ الجِمَالِ وأَحْلامُ العَصَافِيرِ (١)
وسمّوا الرجل العظيم الخَلْق: جُمالياً- في خَرْت الإبرة الذي يضربون به المثل في ضيق المسلك، فيقولون: أضيق من خُرْت الإبرة. وقالوا للماهر في الدلالة: خِرِّيت؛ لاهتدائه في المضائق المشتبهة، المشبّهة بأخرات الإبر (٢).
وقرأت على الشيخين أبي البقاء اللغوي وأبي عمرو الياسري رحمهما الله لعاصم من رواية أبان عنه: "الجُمّل" بضم الجيم وتشديد الميم، وبها قرأ جماعة، منهم: ابن عباس في رواية شهر بن حوشب عنه، وأبو رزين، ومجاهد، وابن محيصن (٣)، وهو: القَلْس الغليظ. ورجح ابن عباس هذه القراءة؛ لما بين الحبل وسم الخياط من الارتباط.
وقرأ قتادة: "الجُمَل" بضم الجيم وفتح الميم وتخفيفها، وهي رواية مجاهد عن
...... لا عيب في القوم من طول ولا عظم... جسم البغال وأحلام العصافير
... انظر: الكتاب (٢/٧٤)، والخزانة (٤/٧٢)، والدر المصون (٣/٢٦٩).
(٢)... حَرَت الشيء يَحْرُته حَرْتاً: قطعه قطعاً مستديرة. قال الأزهري: وأظنه تصحيفاً، والصواب: خَرَتَ الشيء يَخْرته، بالخاء. والخُرتة: هي الثقب المستدير (لسان العرب، مادة: حرت).
(٣)... انظر هذه القراءة في: إتحاف فضلاء البشر (ص: ٢٢٤)، وزاد المسير (٣/١٩٧-١٩٨)، والدر المصون (٣/٢٧٠).
(١/١٢٠)