بالسُّرُر الموضوعة، والفرش المرفوعة، والزرابي المبثوثة، فعند ذلك قالوا: ﴿ الحمد لله الذي هدانا لهذا وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله ﴾ (١).
وقرأ ابن عامر: "ما كنا" بغير واو (٢) ؛ لالتباس القصة بما قبلها.
﴿ لقد جاءت رسل ربنا بالحق ﴾ كلامٌ حملهم عليه سرورهم بما صاروا إليه من الكرامة والنعيم، وإلا فقد كانوا يعلمون ذلك من قبل.
﴿ ونودوا أن تلكم الجنة ﴾ قال الزجاج (٣) :"أن" في موضع نصب، وهاهنا الهاء مضمرة، وهي مخففة من الثقيلة. والمعنى: نودوا بأنه تلكم الجنة (٤).
قال (٥) : والأجود عندي: أن تكون "أن" في معنى تفسير النداء (٦)، كأن المعنى: ونودوا أن تلكم الجنة، المعنى: قيل لهم: تلكم الجنة. وإنما قال: "تلكم"؛ لأنهم وُعدوا بها في الدنيا، فكأنه قيل لهم: هذه تلكم الجنة التي وعدتم بها. ويجوز أن يكونوا عاينوها فقيل لهم من قبل دخولها، إشارة إلى ما يرونه: تلكم الجنة، كما تقول لما تراه: ذلك الرجل أخوك، ولو قلت: هذا الرجل أخوك، جاز؛ لأن "هذا وهؤلاء" لما قَرُبَ منك، "وذاك وتلك" لما بَعُدَ عنك، رأيته أو لم تره.
(٢)... الحجة للفارسي (٢/٢٣٩)، والكشف (١/٤٦٤)، والنشر (٢/٢٦٩).
(٣)... معاني الزجاج (٢/٣٤٠).
(٤)... انظر: التبيان للعكبري (١/٢٧٤)، والدر المصون (٣/٢٧٢).
(٥) أي: الزجاج.
(٦) وهو جيد؛ لأن "أن" المفسّرة تأتي بعد ما فيه معنى القول دون حروفه.
(١/١٢٩)