أحدها: ما أخرج مسلم في صحيحه من حديث أبي هريرة قال: "أخذ رسول الله - ﷺ - بيدي فقال: خلق الله عز وجل التربة يوم السبت، وخلق الجبال فيها يوم الأحد، وخلق الشجر يوم الاثنين، وخلق المكروه يوم الثلاثاء، وخلق النور يوم الأربعاء، وبثّ فيها الدواب يوم الخميس، وخلق آدم يوم الجمعة آخر الخلق في آخر ساعة من ساعات الجمعة فيما بين العصر إلى الليل" (١).
وجه الحجة من الحديث: أنه - ﷺ - أخبر بأن الله تعالى خلق المخلوقات المذكورة في هذه الأيام، فإما أن يريد هذه الأيام التي نعرفها أو زماناً يماثلها في قدرها، على معنى: خلق الله التربة في مثل يوم السبت، وكذلك التقدير في سائر الأيام، وأياً ما كان فمقصودنا حاصل.
الثاني: أن الذي ذكرناه هو المتبادر إلى الأذهان والأفهام عند إطلاق الأيام، وهو الظاهر فيجب المصير إليه ما لم يُصرف عنه دليل نقلي أو عقلي. وقول بعض العلماء معارض بمثله.
الثالث: أن المقصود تعريف العباد مقدار زمن الخلق بما يتعارفونه من الأزمان المعبّر عنها بالأيام، فوجب صرف اللفظ إلى ما يعرفونه.
الرابع: أنه سبحانه وتعالى نبّه عباده بما ذكره على عظيم قدرته جلّت عظمته. ومعقولٌ أن حمل الأيام على ما نتعارفه أدل على القدرة العظيمة من حملها على ستة آلاف سنة.
الخامس: قوله تعالى في موضع آخر: { ولقد خلقنا السموات والأرض وما

(١) أخرجه مسلم (٤/٢١٤٩ ح٢٧٨٩).
(١/١٤٦)


الصفحة التالية
Icon