هُمَا اسْتَوَيَا بفَضْلِهِمَا جَمِيعاً...... عَلى سُرُرِ المُلوكِ بغَيْرِ زُورِ (١)
قلت: أما قول أهل اللغة؛ فغايته أن العرب تستعمل هذه الكلمة بالمعنى الذي ذكروه ثمّ، وهو مسلَّم، فلم قالوا بأنه هاهنا هو المراد مع تجويز غيره من المعاني، ولأن قالوا بأنه معنى جائز الإرادة فيكون مراداً فعارضهم بمثله.
وأما قول الذين قالوا أنه بمعنى: استقر، فنقول لهم: ما معنى الاستقرار هاهنا؟ فإن فَسَّره بالمعنى المتبادر إلى الأفهام، فلا يخفى ما في ذلك من المحذور، حيث أثبتوا لله صفة لم ينطق بها كتابٌ ولا سُنَّة، ولم يساعد عليها دليل العقل، وإن لم يُفَسِّروه بالمعنى المتبادر إلى الأفهام، فلا يخلو: إما أن يفسّروا الاستقرار بشيء معلوم أو لا، وإن فسروه بشيء معلوم وَرَدَ عليهم من الكلام ما ورد عليهم في تفسير الاستقرار بالمعنى المتبادر إلى الأفهام من كونهم أثبتوا لله صفة من غير كتاب ولا سُنَّة، وإن لم يفسروه بشيء فليقتصروا أولاً على تلاوة الآية، والإيمان بالاستواء على المعنى الذي أراده الله كما قلنا.
وأما قول الذين قالوا أنه بمعنى: استولى، فغير صحيح من جهة نقل اللغة ومن جهة المعنى.
قال ابن الأعرابي: العرب لا تعرف استوى بمعنى استولى، ومن قال ذلك فقد أعظم (٢).
وقال ابن فارس: البيتان لا يعرف قائلها (٣).
(٢) انظر: البحر المحيط (٤/٣١٠)، وزاد المسير (٣/٢١٣).
(٣) انظر: زاد المسير (٣/٢١٣).
(١/١٥٠)