ربهم، وذلك أن الله يقول: ﴿ ادعوا ربكم تضرعاً وخفيةً ﴾، وأن الله تعالى ذكر عبداً صالحاً ورضي فعله فقال تعالى: ﴿ إذ نادى ربه نداء خفياً ﴾ (١) [مريم: ٣].
أخبرنا حنبل بن عبدالله بن الفرج كتابة، أخبرنا أبو القاسم هبة الله بن الحصين، أخبرنا أبو علي ابن المذهب، أخبرنا أبو بكر أحمد بن جعفر بن حمدان القطيعي، حدثنا عبدالله بن أحمد، حدثني أبي، حدثنا عبدالوهاب الثقفي، حدثنا خالد الحذاء، عن أبي عثمان النهدي، عن أبي موسى الأشعري قال: "كنا مع النبي - ﷺ - في غزاة فجعلنا لا نصعد شرفاً، ولا نهبط وادياً، إلا رفعنا أصواتنا بالتكبير. قال: فدنا منا رسول الله - ﷺ - فقال: يا أيها الناس! أربعوا على أنفسكم، فإنكم لا تدعون أصم ولا غائباً، إنما تدعون سميعاً بصيراً، إن الذي تدعون أقرب إلى أحدكم من عنق راحلته. يا عبدالله بن قيس: ألا أعلمك كلمة من كنوز الجنة؟ لا حول ولا قوة إلا بالله" (٢). هذا حديث متفق على صحته، أخرجه البخاري عن محمد بن المقاتل، عن ابن المبارك. وأخرجه مسلم عن ابن راهويه، عن عبدالوهاب، كلاهما عن خالد الحذاء.
قوله تعالى: ﴿ إنه لا يحب المعتدين ﴾ يعني: ذوي الاعتداء في الدعاء؛ كاللاعنين والداعين بالشر للمسلمين.
وقال ابن جريج: الاعتداء هاهنا: رفع الصوت (٣).

(١) أخرجه الطبري (٨/٢٠٦-٢٠٧)، وابن المبارك في الزهد (ص: ٤٥). وذكره السيوطي في الدر (٣/٤٧٦) وعزاه لابن المبارك وابن جرير وأبي الشيخ.
(٢) أخرجه البخاري (٦/٢٤٣٧ ح٦٢٣٦)، ومسلم (٤/٢٠٧٧ ح٢٧٠٤)، وأحمد (٤/٤٠٢).
(٣) أخرجه الطبري (٨/٢٠٧). وذكره السيوطي في الدر (٣/٤٧٦) وعزاه لابن جرير.
(١/١٥٥)


الصفحة التالية
Icon