-عليه السلام- لحلمه الراجح وحسن احتماله وجميل عشرته، لم يزدهم على نفي ما نسبوه إليه. وفي قصصه علينا إشارة إلينا بالاقتداء بأخلاق الأنبياء، والإغضاء عن مقابلة السفهاء، واسأل نيل العفو على ما عساه يصدر من جاهل يريد إنقاذه من هلكة وقع فيها.
﴿ وأنا لكم ناصح أمين ﴾ فيما أدعوكم إليه، أمين عليه.
وقال الكلبي: كنت فيكم قبل النبوة أميناً (١).
ثم ذكّرهم بنعم الله عليهم تصريحاً، وحذّرهم من انتقامه منه تلويحاً، فقال: ﴿ واذكروا إذ جعلكم خلفاء من بعد قوم نوح ﴾ يعني: استخلفكم في الأرض من بعدهم. وخلفاء: جمع خليفة، على التذكير لا على اللفظ، مثل: طريف وطرفاء. وجائز أن يكون جمع خلائف على اللفظ، مثل: طريفة وطرائف، و "إذ" مفعول به لا ظرف (٢).
﴿ وزادكم في الخلق بسطة ﴾ اختلف القراء في "بسطة" هاهنا، وفي "يبسط" في البقرة (٣)، فقرأهما هشام وقُنْبُل وأبو عمرو وحمزة بالسين، وقرأهما الباقون بالصاد، غير أن حفصاً روي عنه الوجهان، وكلهم قرأ: "بسطة" في البقرة بالسين، وقد قرأت في "بسطة" في البقرة بالصاد لابن كثير ولحمزة من غير طرقهما المشهورة (٤).
(٢)... انظر: الدر المصون (٣/٢٩٠).
(٣)... عند الآية رقم: ٢٤٧.
(٤)... انظر: الحجة للفارسي (١/٤٥٢-٤٥٣)، والنشر (٢/٢٢٨-٢٣٠)، وإتحاف فضلاء البشر (ص: ٢٢٦)، والسبعة في القراءات (ص: ١٨٥-١٨٦).
(١/١٦٩)