وعبدتموها من دون الله، ﴿ ما نزل الله بها من سلطان ﴾ أي حجة وبرهان نيّر، ﴿ فانتظروا ﴾ أي: ارتقبوا نزول العذاب بكم، ﴿ إني معكم من المنتظرين ﴾ ذلك لكم.
الإشارة إلى قصتهم
ذكر ابن إسحاق وغيره: أن عاداً لما تمادوا في طغيانهم وأصروا على عبادة أوثانهم، وقهروا أهل الأرض باستحكام قواهم واستفحال ملكهم وسلطانهم، بعث الله تعالى إليهم هوداً من أوسطهم نسباً وأفضلهم حسباً، نبياً، فأمرهم بالتوحيد، ورفض الأنداد، والكفّ عن الظلم، ولم يأمرهم بشيء سوى ذلك، فكذبوه وقالوا له: ﴿ سواء علينا أوعظت أم لم تكن من الواعظين ﴾ [الشعراء: ١٣٦] فحبس الله عنهم القطر ثلاث سنين حتى جهدوا، فبعثوا إلى مكة وفداً يستسقي، منهم: قَيْل، ولُقيم، وجلهمة -خال معاوية بن بكر-، ومرثد بن سعد -وكان يكتم إيمانه-، ولقمان بن عاد بن صد بن عاد الأكبر، فنزلوا على معاوية بن بكر سيد العمالقة، وكانت مكة شرفها الله تعالى إذ ذاك في قبضة العمالقة، وكان مع كل واحد من هؤلاء رهط من قومه، حتى بلغوا -فيما رُوي- سبعين رجلاً، فأكرمهم معاوية بن بكر -وكانوا أخواله وأصهاره-، وأقاموا عنده شهراً يشربون الخمر، وتغنيهم الجرادتان -قينتان لمعاوية بن بكر-، فلهوا عما جاؤوا له، فقال معاوية: هلك أخوالي وأصهاري وهؤلاء على ما هم عليه، وهم ضيفي وأكره أن أذكرهم بما جاؤوا له، فشكا ذلك إلى قينتيه الجرادتين، فقالتا: قل شعراً نغنيهم به، فقال:
ألا يا قَيْلُ وَيْحَكَ قُمْ فَهَيْنِمْ | لعلَّ اللهَ يُسقينا غَمَاما |
فيسْقِي أرضَ عادٍ إنَّ عاداً | قدْ أمْسُوا ما يُبينون الكلاما |