منَ العطش الشديد فليسَ نرجُوا به الشيخَ الكبيرَ ولا الغُلاما
وقد كانتْ نساؤهمُ بخيرٍ فقدْ أمستْ نساؤهمُ عَيَامَى
وإنَّ الوحشَ يأتيهم جِهَاراً ولا يخشى لعَادِي سِهَاما
وأنتم هاهنا فيما اشتهيتُم نهارُكُمُ وليلُكُمُ التَّمَامَا
فقبِّحْ وفْدُكُم منْ وَفْدِ قَوْم ولا لُقُّوا التحيةَ والسَّلاما
فلما سمعوا ذلك قال بعضهم لبعض -وكان منزل معاوية ظاهر مكة-: ويحكم ادخلوا الحرم فاستسقوا لقومكم، فقال مرثد: والله إنكم لا تسقون بدعائكم، ولكن إن أطعتم نبيكم وأنبتم إليه سُقيتم، فأظهر إسلامه عند ذلك، فقال [جلهمة] (١) حين سمع كلامه وعرف أنه قد اتبع دين هود (٢) :
أبَا سعدٍ فإنكَ من قَبِيل ذَوِي كَرَمٍ وأمُّكَ من ثمود
أتترُكَ دينَ آباءٍ كرامٍ ذوي رأيٍ وتتبعَ دينَ هُود
ثم قال لمعاوية -وكان حيياً شيخاً كبيراً-: احبس عنا مرثد بن سعد فلا يقدمن معنا مكة، فإنه قد اتبع دين هود وترك ديننا. ثم خرجوا يستسقون بمكة لعاد، فخرج مرثد بن سعد حتى أدركهم بمكة قبل أن يدعو الله بشيء مما خرجوا له. فلما انتهى قام يدعو الله ويقول: اللهم أعطني سؤلي ولا تدخلني في شيء مما يدعونك به، فلما استسقوا نشأت سحائب، بيضاء وحمراء وسوداء، فنادى منادٍ: يا قَيْل -وكان قَيْل رأس الوفد-: اختر لنفسك ولقومك واحدة منها، فقال: اخترت
(١)... في الأصل: جهلمة.
(٢)... البيتان في: الطبري (٨/٢١٩).
(١/١٧٣)


الصفحة التالية
Icon