وقيل: سميت ثمود؛ لقلة مائها، من الثَّمْد، وهو الماء القليل (١)، وهم من العرب العاربة.
﴿ قد جاءتكم بينة من ربكم ﴾ أي: علامة ظاهرة شاهدة بصدقي ونبوتي، فكأنه قيل له: ما هذه البينة؟ فقال: ﴿ هذه ناقة الله لكم آية ﴾ أضيفت الناقة إلى الله إضافة تكريم وتشريف؛ تفخيماً لشأنها وتعظيماً لأمرها، ولكونها جاءت من عنده تبارك وتعالى من غير فحل وطروقه.
و"آية" نصب على الحال، والعامل في الحال: ما دل عليه اسم الإشارة من معنى الفعل (٢)، كأنه قيل: أشير إليها آية.
فإن قيل: هي آية لهم ولغيرهم، فلم قال: ﴿ لكم آية ﴾ ؟
قلت: المعنى لكم ولسائر الناس آية، غير أنه غلّب المخاطبون، لأنهم هم المقصودون بتكوينها، وهم الذين [اقترحوها] (٣).
وكان من حديثها قصة هلاكهم على ما نقله أهل العلم بالتواريخ والسير؛ كابن إسحاق، والسدي، ووهب، وغيرهم: أنه لما أهلكت عاد وتقَضَّى أمرها، استخلف الله ثمود في الأرض، وأطال أعمارهم، وأمدّ لهم بالأموال والبنين، وكان أحدهم يبني السكن من المدر فينهدم، وهو حي مراراً، فلما طال ذلك عليهم اتخذوا من الجبال بيوتاً، فجابوها ونحتوها وسكنوها، وكانوا في سعة من معايشهم، فعتوا على الله وأفسدوا في الأرض، وكفروا نعمة الله، وعبدوا الأصنام،

(١)... انظر: اللسان (مادة: ثمد).
(٢)... انظر: التبيان للعكبري (١/٢٧٨)، والدر المصون (٣/٢٩٢).
(٣) في الأصل: اقتروحها.
(١/١٧٧)


الصفحة التالية
Icon