بيوتهم بغتة، وامتلأت منها آنيتهم وأفنيتهم وأطعمتهم، فكان لا يكشف أحد ثوباً ولا إناء ولا طعاماً ولا شراباً إلا وجد فيه الضفادع. وكان الرجل إذا فتح فاه ليتكلم تثب الضفدع فيه، وكانت تلقي أنفسها في القدور وهي تفور، وفي التنور وهو يَسْجُر (١)، وفي العجين فيشدخ (٢) فيه، ومنعهم القرار والنوم، حتى إن الواحد منهم كان إذا نام فاستيقظ، وجد الضفادع قد ركبته ذراعاً بعضها فوق بعض، فاستغاثوا بموسى وأعطوه العهد المؤكد على الإيمان به وإرسال بني إسرائيل معه، فدعا الله عز وجل فكشفها عنهم، وأراحهم منها فلم يؤمنوا ولم يفوا له بالعهد، فأرسل الله عليهم الدّم فصارت أنهارهم وآبارهم ومياههم كلها دماً (٣).
قال قتادة: ذكر لنا أن فرعون كان يجمع بين الرجلين في إناء واحد، القبطي والإسرائيلي، وكان ما يلي الإسرائيلي ماء، وما يلي القبطي دماً (٤).
وقال مجاهد: كان يستقي الإسرائيلي من النيل ماء طيباً، ويستقي الفرعوني دماً (٥).
وقيل: كانت القبطية تقول لجارتها الإسرائيلية: اجعلي الماء في فيك ثم مُجّيه (٦)

(١) سَجَرَ التنور يَسْجُرُه سَجْراً: أوقده وأحماه. وقيل: أشبع وقوده (اللسان، مادة: سجر).
(٢) الشّدخ: الكسر في شيء رطب. وقيل: هو التهشيم (اللسان، مادة: شدخ).
(٣) انظر: الطبري (٩/٣٩)، والوسيط (٢/٤٠١-٤٠٢)، وزاد المسير (٣/٢٥٠).
(٤) أخرجه ابن أبي حاتم (٥/١٥٤٩). وذكره السيوطي في الدر (٣/٥٢٤) وعزاه لعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم.
(٥)... أخرجه الطبري (٩/٣٨)، وابن أبي حاتم (٥/١٥٤٨). وذكره السيوطي في الدر (٣/٥٢٤) وعزاه لابن جرير وابن أبي حاتم وأبي الشيخ.
(٦)... مَجَّ الماء من الفم: صبَّه من فمه قريباً أو بعيداً (انظر: اللسان، مادة: مجج).
(١/٢٣٧)


الصفحة التالية
Icon