يَسُومُونَكُمْ سُوءَ الْعَذَابِ يُقَتِّلُونَ أَبْنَاءَكُمْ وَيَسْتَحْيُونَ نِسَاءَكُمْ وَفِي ذَلِكُمْ بَلَاءٌ مِنْ رَبِّكُمْ عَظِيمٌ اتحتب
ثم إن الله تعالى قصَّ علينا خبر بني إسرائيل وما قالوه وفعلوه من عبادة العجل، وسؤال الرؤية في الدنيا، وقولهم: ﴿ اجعل لنا إلهاً كما لهم آلهة ﴾، واعتداءهم في السبت، وغير ذلك من أقوالهم الشنيعة وأفعالهم المنكرة الفظيعة عقيب هذه النعم الذي اختصهم بها من إنقاذهم من رقّ العبودية، وذل الاستخدام، وجعلهم بعد أن كانوا مملوكين ملوكاً، واستعلائهم على أعدائهم ومشاهدتهم تلك الآيات المفصلات، ومعافاتهم من العذاب الذي نزل بالقبط، مع كونهم ملابسيهم في منازلهم ومآكلهم ومشاربهم، وفلق البحر لإنجائهم وإهلاك أعدائهم، ليعلم أن الإنسان كفور لنعم الله كنود، جحود ظلوم، وليسلّي رسوله - ﷺ -، لئلا يتعاظم ما لقي منهم من البهت والعناد والتكذيب، مع العلم الرصين بحقيقة حاله، وأنه الرسول الموعود به على لسان نبيهم موسى بن عمران وغيره من الأنبياء، فقال تعالى: ﴿ وجاوزنا ببني إسرائيل البحر ﴾ أي: قطعناه بهم، وكان ذلك يوم عاشوراء، ﴿ فأتوا على قوم يَعْكُفُونَ ﴾ وقرأ حمزة والكسائي: "يَعْكِفُونَ" بكسر الكاف (١)، والمعنى: يلازمونها ويواظبون على عبادته، ﴿ قالوا يا موسى اجعل لنا إلهاً ﴾ يعنون صنماً نعكف عليه ﴿ كما لهم آلهة ﴾ يعكفون عليها.

(١)... الحجة للفارسي (٢/٢٦٣)، والحجة لابن زنجلة (ص: ٢٩٤)، والكشف (١/٤٧٥)، والنشر (٢/٢٧١)، وإتحاف فضلاء البشر (ص: ٢٢٩)، والسبعة في القراءات (ص: ٢٩٢).
(١/٢٤٢)


الصفحة التالية
Icon