قال ابن جريج: كانت آلهتهم تماثيل البقر (١).
﴿ قال إنكم قوم تجهلون ﴾ حيث تطلبون معبوداً غير الله، وقد أراكم من تلك الآيات العظام، وأنعم عليكم بتلك النعم الجسام، وجعل أيديكم بنواصي الجبابرة آخذة، وأوامركم في صياصي الفراعنة نافذة.
قوله تعالى: ﴿ إن هؤلاء متبر ما هم فيه ﴾ يعني: الذين يعكفون على أصنامهم مهلك ما هم فيه من عبادتها؛ لأنها لا تجلب لهم ثواباً ولا تدفع عنهم عقاباً ﴿ وباطل ما كانوا يعملون ﴾ أي: يذهب ضياعاً بغير نفع؛ لأنه لغير الله.
ويروى: أن يهودياً قال لعلي عليه السلام: اختلفتم بعد نبيكم قبل أن يجف ماؤه. فقال له علي عليه السلام: اختلفنا في الدنيا، وأنتم لم تجف أقدامكم من البحر حتى قلتم: ﴿ اجعل لنا إلهاً كما لهم آلهة ﴾ (٢).
﴿ قال أغير الله أبغيكم إلهاً ﴾ استفهام في معنى الإنكار، لعظيم ما قالوه من الكفر، والتعجب من طلبهم إلهاً لا يضر ولا ينفع، ولا يبصر ولا يسمع، بعدما شاهدوا من آيات الله لديهم وآلائه عليهم، ﴿ وهو فضلكم على العالمين ﴾ بالنعم التي اختصكم بها.
قوله تعالى: ﴿ وإذ أنجيناكم ﴾ قرأ ابن عامر: "أنجاكم" (٣).
فمن قرأ: "أنجيناكم" فهو على مذهب التعظيم، ومن قرأ: "أنجاكم" فعلى لفظ

(١)... أخرجه الطبري (٩/٤٥). وذكره السيوطي في الدر (٣/٥٣٣) وعزاه لابن جرير وابن المنذر.
(٢)... ذكره الزمخشري في الكشاف (٢/١٤١).
(٣)... الحجة لابن زنجلة (ص: ٢٩٤)، والنشر (٢/٢٧١)، والكشف (١/٤٧٥)، وإتحاف فضلاء البشر (ص: ٢٢٩)، والسبعة في القراءات (ص: ٢٩٣).
(١/٢٤٣)


الصفحة التالية
Icon