قلتُ: فائدته زوال اللبس ورفع الوهم، فإن من الجائز أن تكون العشر ساعات، أو تكون داخلة في الثلاثين، فلما قال: "أربعين ليلة" نفى هذين الجائزين، وعُلم أن العشر ليال، وأنها غير الثلاثين.
فإن قيل: "أربعين" نصب أو جرّ؟
قلتُ: نصب على الحال (١)، على معنى: تم ميقات ربه بالغاً هذا العدد.
﴿ وقال موسى لأخيه هارون ﴾ "هارون" عطف بيان (٢). وقرئ بالرفع على النداء (٣)، والمعنى: وكان موسى قال لأخيه عند انطلاقه إلى الجبل: ﴿ اخلفني في قومي ﴾، أي: كن خليفتي فيهم، ﴿ وأصلح ﴾ في الخلافة، ﴿ ولا تتبع سبيل المفسدين ﴾.
ولما جَاءَ مُوسَى لِمِيقَاتِنَا وَكَلَّمَهُ رَبُّهُ قَالَ رَبِّ أَرِنِي أَنْظُرْ إِلَيْكَ قَالَ لَنْ تَرَانِي وَلَكِنِ انْظُرْ إِلَى الْجَبَلِ فَإِنِ اسْتَقَرَّ مَكَانَهُ فَسَوْفَ تَرَانِي فَلَمَّا تَجَلَّى رَبُّهُ لِلْجَبَلِ جَعَلَهُ دَكًّا وَخَرَّ مُوسَى صَعِقًا فَلَمَّا أَفَاقَ قَالَ سُبْحَانَكَ تُبْتُ إِلَيْكَ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُؤْمِنِينَ اتحجب
قوله تعالى: ﴿ ولما جاء موسى لميقاتنا ﴾ أي: للوقت الذي حددنا له، واللام للاختصاص، كأنه قيل: واختصّ مجيئه بميقاتنا.
(٢)... مثل السابق.
(٣)... انظر هذه القراءة في: البحر المحيط (٤/٣٧٩)، والدر المصون (٣/٣٣٨).
(١/٢٤٥)