والمعنى: هي مختصة بالله وبالرسول، يقضي فيها بأمر الله على ما تقتضيه حكمته من المساواة والمواساة بين الشباب الذين شرط لهم الأنفال، وبين الشيوخ الذين كانوا ردءاً لهم؛ لما فيه من [انتظام] (١) أمرهم، وإصلاح ذات بينهم، وإلفة قلوبهم.
وزعم بعضهم أنها منسوخة بقوله: ﴿واعلموا أنما غنمتم من... الآية﴾ (٢).
﴿فاتقوا الله﴾ بامتثال أمره واجتناب نهيه، وترك المنازعة والاختلاف بينكم، وفعل ما يفضي إلى المصافاة والموافقة والتوادد.
﴿وأصلحوا ذات بينكم﴾ بالتواسي والتراحم والتساعد.
قال الزجاج (٣) : البَيْنُ: الوَصْل، والمعنى: حقيقة وصْلِكُم (٤).
وقال صاحب الكشاف (٥) : حقيقته أصلحوا أحوال بينكم، يعني: ما بينكم من الأحوال، حتى تكون أحوال إلفة ومحبة واتفاق، كقوله: ﴿بذات الصدور﴾ [الأنفال: ٤٣] وهي مضمراتها، لما كانت الأحوال ملابسة للبَيْن قيل لها: ذات البَيْن، كقولهم: اسقني ذا إنائك، يريد ما في الإناء من الشراب.
﴿وأطيعوا الله﴾ في حكمه وقضائه، ﴿ورسوله﴾ في إنفاذ ما أمر به وأمضى به، ﴿إن كنتم مؤمنين﴾ كاملي الإيمان.

(١)... في الأصل: انتضام.
(٢)... الناسخ والمنسوخ لابن سلامة (ص: ٩٢-٩٣)، والناسخ والمنسوخ لابن حزم (ص: ٣٩)، ونواسخ القرآن لابن الجوزي (ص: ٣٤٣-٣٤٤).
(٣)... معاني الزجاج (٢/٤٠٠).
(٤)... الصِّلات والروابط التي بينكم.
(٥)... الكشاف (٢/١٨٥).
(١/٣٥٩)


الصفحة التالية
Icon