كفاك مناشدتك ربك، فإنه سينجزُ لك ما وعدك. فأنزل الله: ﴿إذ تستغيثون ربكم فاستجاب لكم أني ممدكم بألف من الملائكة مردفين﴾ فأمده الله تعالى بالملائكة" (١).
قوله: "وأصحابه ثلاثمائة وتسعة عشر" قول يخالف أكثر ما عليه أهل العلم على اختلافهم في العدد.
قال ابن إسحاق: كانوا ثلثمائة وأربعة عشر.
وقال أبو معشر والواقدي: ثلثمائة وثلاثة عشر.
وقال موسى بن قتيبة: ثلثمائة وستة عشر (٢).
وقوله عليه السلام: "أنجز لي ما وعدتني" قال الإمام أبو الفرج ابن الجوزي رحمه الله (٣) : لم يكن حَدَّ له وقتاً معيناً في النصر، فسأل تعجيل ما وعد به.
والذي يظهر لي أنه - ﷺ - استنجز ما وُعد به من النصر في قوله: ﴿وإذ يعدكم الله إحدى الطائفتين أنها لكم﴾ مقروناً بسلامة أصحابه الذين وعوا عنه ما جاء به، وقاموا بنصر دينه، وترشَّحوا للنيابة عنه في دعائه الخلق إلى الله، ألا تراه يقول: "إن تهلك هذه العصابة لا تُعبد في الأرض" أي: لا تُطاع حق طاعتك؛ لأن العبادة تستلزم العلم، وهؤلاء حملة العلم ودعاة عبادك إليك، فيذهب دينك أو يقل بذهابهم.
وفي إلحاحه أيضاً في الدعاء حكمة بالغة، وهو تقوية قلوب أصحابه؛ لعلمهم واعتقادهم أن الله تعالى لا يرد سؤال رسوله لكرامته عليه.

(١)... أخرجه مسلم (٣/١٣٨٣-١٣٨٤ ح١٧٦٣).
(٢)... ذكره ابن سعد في طبقاته (٣/٦٠١).
(٣) انظر: زاد المسير (٣/٣٢٥).
(١/٣٧٣)


الصفحة التالية
Icon