وقول أبي بكر وفعله لم يكن لأن حاله في الثقة بالله أقوى من حال المؤيد بالوحي والعصمة رسول الله - ﷺ -، كَلاَّ ولما، لا يجوز أن يتوهم ذلك متوهّم أو يظنّه ظانّ، وإنما كان الصدّيق واسطة عقد الصحابة سناً وقدراً وحلماً وسناء وفضلاً وعلماً، وكان أقدَمهم سبقاً وأعظمهم حقاً، فبادر بإيمانه الراجح، وعلمه الواضح، وثقته بصدق ما وُعدوا به من الظَّفَر وبإجابة الله دعاء رسوله إلى تذكير النبي - ﷺ - بما يوجب إراحة قلبه الكريم، وإراحة أفكاره المؤملة التي أوجبها فرط شفقته على أمته، وما ينطوي عليه من الحرص على إعلاء كلمة الإيمان، وإعدام عبدة الأوثان، وتسكين قلوب أصحابه في ذلك الوقت الذي هو مظنة تقلقل القلوب وتزلزل [الأقدام] (١)، فرضي الله عن أبي بكر ما كان أكثر توفيقه وأعظم تحقيقه وتصديقه وأكرم طباعه وأطول في الفضائل باعه.
قوله تعالى: ﴿فاستجاب لكم أني﴾ بأني، فلما سقطت الباء وتسلط الفعل فنصب.
وقرأ عيسى بن عمر: "إني" بالكسر (٢)، على إضمار القول، أو أن الاستجابة ضرب من القول.
﴿ممدكم بألف﴾ وقرأ الضحاك وأبو رجاء: "بآلاف" على الجمع (٣).
وقرأ أبو العالية وأبو المتوكل: "بألوف" على صيغة الجمع أيضاً (٤).
(٢)... انظر هذه القراءة في: البحر المحيط (٤/٤٦٠)، والدر المصون (٣/٣٩٨).
(٣)... انظر هذه القراءة في: زاد المسير (٣/٣٢٦).
(٤)... مثل السابق.
(١/٣٧٤)