ثم أخبر سبحانه وتعالى بما طُبعوا عليه من الشقاء في سابق العلم والقضاء، فقال جل وعز: ﴿ولو علم الله فيهم خيراً لأسمعهم﴾ يعني: لأسمعهم سماع تفهّم وقبول، ﴿ولو أسمعهم﴾ بعد أن علم أنهم لا خير فيهم ﴿لتولوا﴾ لرجعوا القهقرى ناكصين على أعقابهم ارتداداً وعناداً.
يا أيها الَّذِينَ آَمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ وَاعْلَمُوا أَن اللَّهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ وَأَنَّهُ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ
قوله تعالى: ﴿استجيبوا لله وللرسول إذا دعاكم لما يحييكم﴾ يريد: إذا دعاكم الرسول، فوحَّد الضمير؛ لأن دعاء الرسول دعاء مرسله، وإجابته إجابته. قال الله تعالى: ﴿من يطع الرسول فقد أطاع الله﴾ [النساء: ٨٠]، ومن ذلك قوله تعالى: ﴿ولا تولوا عنه﴾ بعد قوله: ﴿أطيعوا الله ورسوله﴾ والمعنى: إذا دعاكم لما فيه حياتكم. وفيه أقوال:
أحدها: أنه الإيمان، وهذا قول السدي ومجاهد في رواية عنه (١).
الثاني: أنه القرآن. قاله قتادة، وهو أعم الأقوال وأجمعها (٢).
والثالث: أنه الجهاد، وهو قول الأكثرين (٣).
(٢)... أخرجه الطبري (٩/٢١٤)، وابن أبي حاتم (٥/١٦٨٠). وذكره السيوطي في الدر المنثور (٤/٤٤) وعزاه لابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبي الشيخ عن مجاهد.
(٣)... أخرجه الطبري (٩/٢١٤)، وابن أبي حاتم (٥/١٦٨٠). وذكره السيوطي في الدر المنثور (٤/٤٤) وعزاه لابن إسحاق وابن أبي حاتم عن عروة بن الزبير.
(١/٣٩٨)