وقد صح من حديث أبي هريرة: "أن النبي - ﷺ - مَرَّ على أُبيّ بن كعب وهو قائم يصلي، فصاح به فقال: تعال يا أُبيّ، فعجّل أُبيّ في صلاته، ثم جاء إلى رسول الله - ﷺ -. فقال له رسول الله - ﷺ -: يا أُبيّ، ما منعك أن تجيبني إذ دعوتك؟! أليس الله يقول: ﴿استجيبوا لله وللرسول إذا دعاكم﴾. قال أُبيّ: لا جرم يا رسول الله، لا تدعوني إلا أجبتك وإن كنت مصلياً" (١).
ففي هذا الحديث دليلٌ على وجوب إجابته - ﷺ - إلى ما يدعو إليه، وأن إجابته في الصلاة لا تبطلها، كما أنك تخاطبه بقولك: السلام عليك أيها النبي ورحمة الله، ومثله تبطل الصلاة مع غيره.
فإن قيل: لماذا سمّى ما يدعوهم إليه حياة؟
قلتُ: إن كان [ما بدعوهم إليه الإيمان والقرآن] (٢) فهو حياة، باعتبار ما يستثمره المؤمن والقارئ لكتاب الله العامل به من سعادة الدنيا والآخرة والثناء الجميل الباقي على مرّ الأحقاب، كما قال علي عليه السلام: "العلماء باقون ما بقي الدهر" (٣).
وقال المتنبي:
ذِكْرُ الفَتَى عُمْرُهُ الثَّانِي وَحَاجَتُهُ...... مَا قَاتَهُ وفُضُولِ العَيْشِ أَشْغَالُ (٤)
(٢)... في الأصل: أو الإقران. ولعل الصواب ما أثبتناه.
(٣)... ذكره المناوي في فيض القدير (٦/٢٩٤)، وأبو نعيم في الحلية (١/٨٠)، والخطيب البغدادي في تاريخ بغداد (٦/٣٧٩).
(٤)... البيت للمتنبي. وهو في: قرى الضيف (١/٢٥٨).
(١/٣٩٩)