ولأجل ما فات من ذلك؛ سُمّي الكافر ميتاً، وسُمّي الجاهل ميتاً. قال الله تعالى في حق الكفار: ﴿فإنك لا تسمع الموتى﴾ [الروم: ٥٢].
وقال بعضهم:
لا تعجبنَّ الجَهُولَ حلتهُ...... فَذَاكَ مَيْتٌ وَثَوْبُهُ كَفَنُ (١)
وإن كان الذي يدعوهم إليه الجهاد فهو حياة؛ لأن الشهداء أحياء عند ربهم يرزقون، وهو حياة لهم لما يستلزم من حياة أمرهم ونفوسهم؛ لأنهم لو تخاذلوا عن الجهاد وتقاعدوا عنه تسلط العدو على قتلهم وأسرهم وإماتة أمرهم وكسرهم.
قال علي عليه السلام: إن الجهاد بابٌ من أبوابٌ الدِّين، من تركه رغبة عنه ألبسه الله سيما الذل وديَّثَه (٢) بالصَّغار (٣).
قوله تعالى: ﴿واعلموا أن الله يحول بين المرء وقلبه﴾ فهو الذي حال بين قلوب الكفار والأمن، وبين قلوبكم أيها المؤمنون وبين الخوف، حتى دلفتم مع ضعفكم وقلة عَددكم وعُددكم إلى صناديد قريش واجترأتم عليهم تقتلون وتأسرون.
قال ابن عباس وأكثر المفسرين: المعنى: يحول بين المؤمن والكفر، وبين الكافر والإيمان (٤).

(١) انظر البيت في: البحر المحيط (٤/٤٧٦)، والكشاف (٢/٢٠٠)، وروح المعاني (٩/١٩١).
(٢) ديثه: أي: ذلَّلَه (اللسان، مادة: ديث).
(٣) أخرج نحوه الضياء في الأحاديث المختارة مرفوعاً من حديث عبادة بن الصامت (٨/٢٨٠ ح٣٤٣).
(٤)... أخرجه الطبري (٩/٢١٥)، وابن أبي حاتم (٥/١٦٨٠)، والحاكم موقوفاً (٢/٣٥٨). وذكره السيوطي في الدر المنثور (٤/٤٤) وعزاه لابن أبي شيبة وحشيش بن أصرم في الاستقامة وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبي الشيخ والحاكم وصححه عن ابن عباس.
(١/٤٠٠)


الصفحة التالية
Icon