وكان ملوك الموصل وأمراؤها وكبراؤها يغشونه ويترددون إليه، فكان عامة ما يكلم الناس به؛ الأمر بعقيدة الإمام أحمد، والنهي عن مذهب الأشعري. وحاله مشهورة بذلك.
ولما فرغ من عمارة الجامع النوري بالموصل ضُرِعَ إليه في الخطابة به فلم يفعل، فسألوه أن يخطب به جمعة واحدة، فرقى المنبر وخطب وأحسن، فلما انتهى إلى الدعاء قال: اللهم أصلح الإمام والأمة، والراعي والرعية، ثم نزل.
قال الشيخ عمر: فسمعته يوماً يقول: رأيت بعد ذلك النبي - ﷺ - في المنام، فقلت له: يا رسول الله! ألست على الحق؟ أليس الذي أدعو إليه الحق؟ فقال: بلى، بلى، بلى.
وسمعت عماد الدين عبدالرحمن بن الشيخ شهاب الدين محمود بن بلدحي مدرس الحنفية بالموصل وابن مدرّسها يقول: سمعت أبي رحمه الله يقول -وكان متمسكاً بعقيدة الإمام أحمد متنسكاً بها، وكان من أصحاب الفقه والحديث رحمه الله، وكان مبايناً لما عليه عامة المتفقهة في هذا الزمان-: حججت فلما زرت النبي - ﷺ - نمتُ في الروضة، فرأيته - ﷺ - في المنام فقلت: يا رسول الله! دلني على عقيدة أهل الحق؟ قال: هي ما أنت عليه من عقيدة أصحاب الحديث. فكان بعد ذلك يفتي الناس بها ويدعوهم إليها.
أخرج البخاري ومسلم في الصحيحين من حديث أبي قتادة قال: قال رسول الله - ﷺ -: "من رآني في النوم فقد رأى الحق" (١).
(١/٤١٢)