وصح من حديث أنس أن النبي - ﷺ - قال: "من رآني في المنام فقد رآني، فإن الشيطان لا يتمثل بي" (١).

فصل


وكم من كافر أفضى به حسن القصد في الطلب إلى دين الحق، ولقد كنتُ أعرف رجلاً من أهل ماردين غالياً في دين النصرانية، شديد الشكيمة في التمسك به، ثم رأيته بعد ذلك في دمشق حافظاً لكتاب الله وكثير من سُنَّة رسوله - ﷺ -، فسألته عن حاله، فقال: إني سكنت منزلاً قريباً من جامع دمشق، فكنت أسمع المؤذنين وقراءتهم القرآن بالأسحار، فنوّر الله الإيمان في قلبي، وكرّه إليّ الكفر ذات ليلة، فأسلمت من حيث لا يشعر بي أحد سوى الله تعالى. فلما أصبحت قصدت موضعاً من المواضع التي يتطهر المسلمون فيها للصلاة فتوضأت مثل ما رأيتهم يتوضؤون، ثم دخلت الجامع فصليت الصبح مع المسلمين، ثم خرجت إلى زيارة بيت المقدس، فقيّض لي رجل مغربي فقذف في قلبي شيء من البدعة وأنا حديث عهد بالإسلام لا علم لي بذلك، وكان يحذرني من أصحاب الإمام أحمد.
ثم اختار الله لي ثانياً كما اختار لي أولاً، فألهمني زيارة الحافظ أبي موسى عبدالله بن الحافظ عبدالغني المقدسي -وكان إذ ذاك يصلي إماماً بمهد عيسى بالمسجد الأقصى شرفه الله-، فلما رأيت هديه وسَمْتَهُ وسمعت قراءته للحديث، ألقى الله حبه في قلبي فلزمته، وقرأت عليه طرفاً من حديث رسول الله - ﷺ -، وفارقت تلك البدعة، ودنت الله بمذهب الإمام أحمد وأصحاب الحديث ولله الحمد. فقلت له:
(١)... أخرجه البخاري (٦/٢٥٦٨ ح٦٥٩٣)، ومسلم (٤/١٧٧٥ ح٢٢٦٦) من حديث أبي هريرة.
(١/٤١٣)


الصفحة التالية
Icon