ألا قد تم هلال العلا... وصار في مطلعه بدرا
فسبحان من إذا أنعم أمعن وأنعم، بَيْنَا هذا يدين بالتثليث أصبح من أهل القرآن والحديث.
سمعت شيخنا السعيد شيخ الإسلام موفق الدين المقدسي يقول: أنبأنا الحافظ أبو طاهر السلفي، أخبرنا أبو الحسين بن [الطيوري] (١)، أخبرنا عبدالعزيز بن علي، أخبرنا علي بن عبدالله الصوفي، حدثنا محمد بن داود، حدثني حامد الأسود صاحب إبراهيم الخواص، قال: كان إبراهيم إذا أراد سفراً لم يحدث به أحداً ولم يذكره، وإنما يأخذ رَكْوَته (٢) ويمشي، فبينا نحن معه في مسجده تناول ركوته ومشى فاتبعته، فلم يكلمني حتى وافينا الكوفة، فأقام بها يومه وليلته، ثم خرج نحو القادسية، فلما وافاها قال لي: يا حامد! إلى أين؟ قلت: يا سيدي خرجت لخروجك، قال: أنا أريد مكة. قلت: وأنا إن شاء الله أريد مكة، فمشينا يومنا وليلتنا. فلما كان بعد أيام إذا شابّ قد انضم إلينا في بعض الطريق، فمشى معي يوماً وليلة لا يسجد لله سجدة، فعرّفت إبراهيم وقلت: إن هذا الغلام لا يصلي، فجلس وقال له: يا غلام ما لك لا تصلي، والصلاة أوجب عليك من الحج، فقال: يا شيخ ما عليّ صلاة. قال: ألست برجل مسلم؟ قال: لا. قال: فأي شيء أنت؟ قال: نصراني، ولكن إشارتي في النصرانية إلى التوكل، وادّعت نفسي أنها قد أحكمت حال التوكل، فلم أصدقها [فيما ادعت] (٣) حتى أخرجتها إلى هذه الفلاة
(٢)... الرَّكْوَة: إناء صغير من جِلْد يُشرب فيه الماء. والجمع: رَكَوات (اللسان، مادة: ركا).
(٣)... زيادة من التوابين (ص: ٢٩٩).
(١/٤١٤)