وحرصهم على إطفاء نور المبعوث بتضليل آبائهم، وتسفيه أحلامهم وآرائهم، وسبِّ آلهتهم، يتحداهم باقتضاب سورة مثله، ويسجل عليهم بالعجز في قوله: ﴿قل لئن اجتمعت الإنس والجن على أن يأتوا بمثل هذا القرآن لا يأتون بمثله ولو كان بعضهم لبعض ظهيراً﴾ [الإسراء: ٨٨]، ثم يضربون عن ذلك صفحاً، هذا مع قدرتهم على المعارضة والمناقضة، لا والله ما ذاك إلا القصور الناسوتي أو العرف اللاهوتي.
هذا الوليد بن المغيرة المخزومي مع براعته وشجاعته وإبائه بأبنائه وآبائه [لم] (١) يجد بداً من الاستسلام لأمر الرسول - ﷺ -، حتى قال وهو من أشد العرب شكيمة في عداوة الرسول - ﷺ -: لقد وضعت قوله على أقراء الشعر، فما رأيته يلتئم بها، والله إن لقوله حلاوة، وإن عليه طلاوة، وإنه لمثمر أعلاه، مغدق أسفله، وإنه يَعلو ولا يُعلى.
وشمائل شهد العدو بفضلها...... والفضل ما شهدت به الأعداء
والمشهور في التفسير أن القائل: ﴿لو نشاء لقلنا مثل هذا﴾ النضر بن الحارث، المقتول صبراً بالصفراء (٢) يوم بدر، وكان كثير الاختلاف إلى فارس والحيرة، وكان يتبع أخبار رستم واسفنديار، وكان يسمع قراءة أهل الكتاب ويرى صلاتهم، واشترى كليلة ودِمنة، وكان يقعد مع المستهزئين ويقرأ عليهم من ذلك. فلما سمع

(١)... زيادة على الأصل.
(٢) الصفراء: قرية كثيرة النخل والمزارع، وهي فوق ينبع مما يلي المدينة (معجم البلدان ٣/٤١٢).
(١/٤٢٠)


الصفحة التالية
Icon