اقتصاص الله أخبار القرون الماضية قال: لو شئت لقلت مثل هذا، فنزلت هذه الآية (١).
وهو القائل أيضاً: ﴿إن كان هذا هو الحق من عندك فأمطر... الآية﴾ في قول ابن عباس وأكثر المفسرين (٢).
ولا منافاة بين هذا القول وبين ما أخرج في الصحيحين من حديث أنس بن مالك قال: قال أبو جهل: ﴿اللهم إن كان هذا هو الحق من عندك... الآية﴾ فأنزل الله: ﴿وما كان الله ليعذبهم وأنت فيهم... الآية﴾، فلما أخرجوه نزلت: ﴿وما لهم أن لا يعذبهم الله... الآية﴾ (٣) لجواز نزولها بسبب قولهما.
والإشارة بقولهم: ﴿إن كان هذا﴾ إلى القرآن، وهو كلام ينبئ باستحكام الجحود واستيلائه على قلوب قائليه.
﴿فأمطر علينا حجارة﴾ يعنون: كما أمطرت على أصحاب الفيل، ولذلك قالوا: ﴿من السماء﴾، ﴿أو ائتنا بعذاب أليم﴾ أي: بنوع آخر من العذاب غير الحجارة.
قال صاحب الكشاف (٤) : هذا أسلوب من الجحود بليغ، يعني: إن كان القرآن هو الحق فعاقبنا على إنكاره بالسِّجِّيل، كما فعلت بأصحاب الفيل، أو
(٢) أخرجه الطبري (٩/٢٣٢)، وابن أبي حاتم (٥/١٦٩٠). وانظر: أسباب النزول للواحدي (ص: ٢٣٩). وذكره السيوطي في الدر المنثور (٤/٥٥) وعزاه لابن جرير وابن أبي حاتم.
(٣) أخرجه البخاري (٤/١٧٠٤-١٧٠٥ ح٤٣٧١ وح٤٣٧٢)، ومسلم (٤/٢١٥٤ ح٢٧٩٦).
(٤) الكشاف (٢/٢٠٥-٢٠٦).
(١/٤٢١)