إِغْلال (١)، وأن بيننا عَيْبَةٌ مَكفوفة (٢)، وأنه من أحبَّ أن يدخل في عهد محمد وعقده فَعَل، ومن أحبَّ أن يدخل في عهد قريش وعقدها فَعَل، وأنه من أتى محمداً منهم بغير إذن وليّه رَدَّه إليه، وأنّه من أتى قريشاً من أصحاب محمد لم يَرُدُّوه، وأنّ محمداً يرجع عنا عامه هذا وأصحابه، ويدخل علينا في قابل في أصحابه، فيقيم بها ثلاثاً، لا يدخل علينا بسلاح إلا سلاح المسافر، السيوف في القُرُب (٣)، فوثبت خزاعة فقالوا: نحن ندخل في عهد محمد وعقده، ووثبت بنو بكر فقالوا: نحن ندخل في عهد قريش وعقدها. ثم إن قريشاً أعانت بني بكر على خزاعة بالرجال والسلاح، فبيتوا خزاعة ليلاً فقتلوا منهم عشرين رجلاً، ثم إن قريشاً ندمت على ما صنعت، وعلموا أن هذا نقض للعهد والمدة التي بينهم وبين رسول الله - ﷺ -، وخرج قوم من خزاعة إلى رسول الله - ﷺ - فأخبروه بما أصابهم، فخرج إليهم، وكانت غزاة الفتح] (٤).

(١)... الإسلال: السرقة الخفية (اللسان، مادة: سلل).
... والإغلال: الخيانة (اللسان، مادة: غلل).
(٢)... العيبة: ما يجعل فيه الثياب. والعيبة المكفوفة: قال ابن الأعرابي: معناه: أن بيننا وبينهم في هذا الصلح صَدْراً مَعْقُوداً على الوفاءِ بما في الكتاب، نَقِيّاً من الغِلِّ والغَدْرِ والخِداعِ. والمَكْفُوفةُ: المُشرَجَة المَعْقُودة. والعربُ تَكني عن الصُّدُور والقُلُوب التي تَحْتوي على الضمائر المُخْفاةِ: بالعِيابِ. وذلك أَن الرجلَ إِنما يَضَعُ في عَيْبَته حُرَّ مَتاعِه، وصَوْنَ ثيابه، ويَكتُم في صَدْرِه أَخَصَّ أَسراره التي لا يُحِبُّ شُيوعَها، فسُمِّيت الصدور والقلوبُ عِياباً؛ تشبيهاً بعِياب الثياب (اللسان، مادة: عيب).
(٣)... القُرُب: جمع، واحده: قِراب، وهو: غِمْدُ السيف والسكين (اللسان، مادة: قرب).
(٤)... ما بين المعكوفين استدرك من زاد المسير (٣/٤٠٠).
(١/٤٨٧)


الصفحة التالية
Icon