وقيل: نَسَأْتُ الشَّيْءَ نَسْأً؛ إذا أَخَّرته، وكذلك أَنْسَأْتُهُ (١).
واختلفوا في أصل الكلمة؛ فذهب الأكثرون إلى أنها من التأخير.
قال الأخفش (٢) : ومنه: النسيء في البيع، ويُقال: أَنْسَأَ الله في أَجَلك.
وقال قطرب: هو من الزيادة، فكل زيادة حدثت في شيء فهو نسيء، وقال: ومنه: قد نَسَأْتُ الناقة وَأَنْسَأْتُها؛ إذا زَجَرْتَها ليزداد سَيْرُها.
والأول أظهر وأشهر.
قال ابن عباس وقتادة وعامة المفسرين واللغويين: كانت العرب تحرم الشهور الأربعة، وكان ذلك مما تمسكت به من ملة إبراهيم وإسماعيل، وكانوا ربما احتاجوا إلى تحليل المحرم للحرب تكون بينهم، فيؤخرون تحريم المحرم إلى صفر، ثم يحتاجون إلى تأخير صفر فيؤخرونه إلى الشهر الذي بعده، ثم كذلك حتى يستدير التحريم على السنة كلها (٣).
فأعلم الله عز وجل أن ذلك زيادة في كفرهم؛ لأنهم أحلوا الحرام وحرموا الحلال.
وإلى هذا المعنى أشار النبي - ﷺ - بقوله: "إن الزمان قد استدار كهيئته يوم خلق الله السموات والأرض" (٤)، أي: رجع التحريم إلى الشهور الأربعة، وبطل أمر النسيء، وكانوا لا يفعلون ذلك إلا في الموسم.
(٢)... انظر: معاني الأخفش (ص: ٢١٠).
(٣)... ذكره الواحدي في الوسيط (٢/٤٩٤)، وزاد المسير (٣/٤٣٥).
(٤)... أخرجه البخاري (٣/١١٦٨ ح٣٠٢٥)، ومسلم (٣/١٣٠٥ ح١٦٧٩).
(١/٤٩٢)