قال الفراء (١) : كانت العرب في الجاهلية إذا [أرادوا] (٢) الصَّدر عن منى، قام رجل من بني كنانة يقال له: نُعيم بن ثعلبة -وكان رئيس الموسم-، يقول: أنا الذي لا أعاب ولا أجاب، ولا يُردّ لي قضاء، فيقولون: [صدقت] (٣)، أَنْسِئْنا شهراً، يريدون: أخِّر عنا حرمة المحرم واجعلها في صفر، [وأحِلَّ المحرم] (٤)، فيفعل ذلك. وإنما دعاهم إلى ذلك توالي الأشهر الثلاثة، ذو القعدة، وذو الحجة، والمحرّم، وكانت عامة معيشتهم من الغارات.
قوله تعالى: ﴿يضل به الذين كفروا﴾ أي: بالنسيء.
واختلف القراء في "يُضَلُّ" فقرأ أهل الكوفة إلا أبا بكر بضم الياء وفتح الضاد على ما لم يُسَمَّ فاعله.
وقرأتُ لجماعة، منهم يعقوب الحضرمي: بضم الياء وكسر الضاد (٥).
وقرأ الباقون بفتح الياء وكسر الضاد (٦).
فعلى القراءة الأولى والثالثة: "الذين كفروا" في موضع رفع. وعلى القراءة الثانية: جائز أن يكون في موضع رفع، على معنى: يضلون به أتباعهم. وجائز أن يكون في موضع نصب، على معنى: يضل الله، أو يضل الشيطان به الكفار.
(٢)... في الأصل: أراد. والتصويب من معاني الفراء (١/٤٣٦).
(٣)... زيادة من معاني الفراء، الموضع السابق.
(٤)... زيادة من معاني الفراء (١/٤٣٧).
(٥)... إتحاف فضلاء البشر (ص: ٢٤٢).
(٦)... الحجة للفارسي (٢/٣٢٤)، والحجة لابن زنجلة (ص: ٣١٨-٣١٩)، والكشف (١/٥٠٢-٥٠٣)، والنشر (٢/٢٧٩)، وإتحاف فضلاء البشر (ص: ٢٤٢)، والسبعة في القراءات (٣١٤).
(١/٤٩٣)