وكان النبي - ﷺ - أذن لجماعة منهم في التخلف حين خرج إلى تبوك، فأنزل الله عز وجل: ﴿عفا الله عنك لم أذنت لهم﴾.
قال عمرو بن ميمون الأودي: اثنان فعلهما رسول الله - ﷺ - ولم يؤمر بهما: إذنه للمنافقين، وأخذه الفداء من الأسارى، فعاتبه الله كما تسمعون (١).
قال مورق: ع (١) هـ ربه بهذا (٢).
قال سفيان بن عيينة: انظروا إلى هذا اللطف، بدأه بالعفو قبل أن يُعيّره بالذنب (٣).
وهذا أسلوب لطيف من أساليب العتاب. وقريب منه قول قيس فيما بعث به إلى ليلى العامرية:
عَفَا اللهُ عَنْها أَنَّها كُلَّ لَيْلَةٍ... مِنَ الدَّهْرِ قَدْ يَدْنُوا إِليَّ خَيَالُها
فأجابته:
وَعَنْهُ عَفَى رَبّي وَأَصْلَحَ حَالَهُ... فَعَزَّ عَلَيْنا حَاجَة لاَ يَناَلها
قال الزمخشري عند تفسير هذه الآية (٤) :﴿عفا الله عنك﴾ هذا كناية عن الجناية؛ لأن العفو رادف لها، ومعناه: أخطأت وبئس ما فعلت (٥).

(١)... أخرجه عبدالرزاق (٥/٢١٠)، والطبري (١٠/١٤٢). وذكره السيوطي في الدر المنثور (٤/٢١٠) وعزاه لعبد الرزاق في المصنف وابن جرير.
(٢)... أخرجه الطبري (١٠/١٤٢)، وابن أبي حاتم (٦/١٨٠٥). وذكره السيوطي في الدر المنثور (٤/٢١٠) وعزاه لابن أبي حاتم وأبي الشيخ.
(٣)... ذكره الواحدي في الوسيط (٢/٥٠٠)، وزاد المسير (٣/٤٤٥).
(٤) الكشاف (٢/٢٦١).
(٥) قلتُ: هذا قولٌ خبيثٌ، يستدل به على خبث طويته وفساد عقيدته. وقد أجاد المؤلف في الرد عليه.
(١/٥٠٧)


الصفحة التالية
Icon