قوله تعالى: ﴿وقيل اقعدوا مع القاعدين﴾ إما أن يكون القول هاهنا مجازاً عن إلهامهم أسباب الخذلان، أو عن وسوسة الشيطان لهم، أو هو قول بعضهم لبعض.
وحكى الماوردي (١) : أن النبي - ﷺ - قال ذلك لهم غضباً عليهم.
قال ابن السائب: يعني: مع القاعدين بغير عذر (٢).
وقيل: مع القاعدين بعذر؛ كالنساء والصبيان، وهو أظهر، لقوله تعالى: ﴿رضوا بأن يكونوا مع الخوالف﴾، ولأنه أبلغ في ذمهم.
﴿لو خرجوا فيكم ما زادوكم إلا خبالاً﴾ أي: شراً وفساداً.
قال الشيخ أبو الفرج ابن الجوزي رضي الله عنه (٣) : فإن قيل: كأن الصحابة كان فيهم خبال حتى قيل: ما زادوكم إلا خبالاً؟
فالجواب: أنه من الاستثناء المنقطع. والمعنى: ما زادوكم قوة، لكن أوقعوا بينكم خبالاً.
قلت: والذي يظهر في نظري: أن هذا ليس من الاستثناء المنقطع؛ لأن الاستثناء المنقطع هو أن يكون المستثنى من غير جنس المستثنى منه، والمستثنى منه هاهنا غير مذكور، فيقع الاستثناء من أعم العام الذي هو الشيء، كأنه قيل: ما زادوكم شيئاً إلا خبالاً، فيكون استثناء متصلاً.

(١) تفسير الماوردي (٢/٣٦٨).
(٢)... الماوردي (٢/٣٦٨)، وزاد المسير (٣/٤٤٧).
(٣) زاد المسير (٣/٤٤٧).
(١/٥١١)


الصفحة التالية
Icon