حاجة من المساكين؛ لأن النبي - ﷺ - استعاذ من الفقر، وقال - ﷺ -: "اللهم أحيني مسكيناً وأمتني مسكيناً واحشرني في زمرة المساكين" (١). أخرجه الترمذي.
قال أحمد بن عبيد: المسكين أحسن حالاً من الفقير (٢) ؛ لأن الفقير أصله في اللغة: المَفْقُور الذي نُزِعَتْ فِقْرة من فقر ظهره، فكأنه انقطع ظهره من شدة الفقر (٣)، فصرف عن مفقور إلى فقير، كما قالوا في مجروح جريح، ومطبوخ طبيخ. قال الشاعر:
لَمَّا رَأَى لُبَدُ النُّسُورَ تَطَايَرَتْ...... رَفَعَ القَوادِمَ كَالفَقِير الأَعْزَلِ (٤)
قال: ومن الحجة لهذا القول، قوله تعالى: ﴿أما السفينة فكانت لمساكين يعملون في البحر﴾ [الكهف: ٧٩]، فوصف بالمسكنة من له سفينة تساوي مالاً (٥).
وذهب الأصمعي وأبو حنيفة إلى أن المسكين أشد حاجة (٦)، واحتج كذلك ابن السكيت (٧) بقول الراعي (٨) :

(١)... أخرجه الترمذي (٤/٥٧٧ ح٢٣٥٢).
(٢)... انظر: القرطبي (٨/١٦٩)، والتمهيد لابن عبدالبر (١٨/٥١).
(٣)... انظر: اللسان، مادة: (فقر).
(٤) البيت للبيد وهو يصف لُبَداً، (وهو السابع من نُسور لقمان بن عاد). انظر: ديوانه (ص: ٢٧٤)، واللسان، مادة: (فقر)، والقرطبي (٨/١٦٩)، والتمهيد (١٨/٥١)، والمغني (٦/٣٢٣)، ومعجم البلدان (٤/١٩٤)، والماوردي (٢/٢٧٥)، ومعجم مقاييس اللغة (٤/٩٠).
(٥) زاد المسير (٣/٤٥٦-٤٥٧).
(٦) انظر: المغني (٦/٣٢٣).
(٧) إصلاح المنطق (ص: ٣٢٦).
(٨) البيت للراعي. وهو في: القرطبي (٨/١٦٩)، والتمهيد (١٨/٥٠)، والمحلى (٦/١٤٩)، والمغني (٦/٣٢٣)، وزاد المسير (٣/٤٥٦).
(١/٥٢٢)


الصفحة التالية
Icon