أنبيائهم، فوالله لو جاءنا نذير وكتاب لكنا أهدى منهم، فنزلت هذه الآية.
و"أَنْ" في محل النصب.
قال الكسائي والفراء (١) : معناه: اتقوا أن تقولوا.
والذي عليه حذاق النحاة من البصريين وغيرهم: أنه مفعول لأجله، تقديره: أنزلناه كراهة أن تقولوا يا أهل مكة: إنما أنزل الكتاب على طائفتين من قبلنا (٢).
﴿وإن كنا﴾ هي "إِنْ" المخففة من الثقيلة، واللام هي الفارقة بينها وبين النافية، والأصل: وإنه كنا ﴿عن دراستهم لغافلين﴾ على أن الهاء ضمير الشأن.
والمعنى: كنا عن قراءتهم غافلين لا نعلم ما هي إذا سمعناها أو نظرنا فيها؛ لأن لغتنا تنافيها.
﴿أو تقولوا لو أنا أنزل علينا الكتاب لكنا أهدى منهم﴾ أرشدُ إلى الصواب وأدرى بمواقع الكلام وفصل الخطاب؛ لحدة أذهاننا، [ونقاوة] (٣) أفهامنا.
﴿فقد جاءكم بينة من ربكم﴾ وهو محمد - ﷺ -، يخاطبكم بلسانكم العربي، ﴿وهدى ورحمة﴾ وهو القرآن.
﴿فمن أظلم ممن كذب بآيات الله وصدف عنها﴾ أي: فمن أشد ظلماً ممن جحد بالقرآن ومعجزات محمد - ﷺ - وأعرض عنها بعد أن عرفها.
وقيل: صدف الناس عنها، فهو أبلغ؛ لأنه صدف بنفسه وصدف الناس عنها.
ثم توعدهم فقال: {سنجزي الذين يصدفون عن آياتنا سوء العذاب بما كانوا

(١) معاني الفراء (١/٣٦٦).
(٢) انظر: زاد المسير (٣/١٤٥)، ومعاني الزجاج (٢/٣٠٧).
(٣) في الأصل: وتقاية.
(١/٥٤)


الصفحة التالية
Icon