وكثُرت حتى ترك الصلوات إلا الجمعة، وهي تنمو كما ينمو الدُّود، حتى ترك الجمعة. فسأل رسولُ الله - ﷺ - فقال: ما فعل ثعلبة؟ فقالوا: يا رسول الله اتخذ غنماً وضاقت عليه المدينة، وأخبروه بخبره. فقال: يا ويح ثعلبة، ثلاثاً، وأنزل الله تعالى: ﴿خذ من أموالهم صدقة تطهرهم وتزكيهم بها... الآية﴾، وأنزل الله تعالى عليهم فرائض الصدقة، فبعث رسول الله - ﷺ - رجلين على الصدقة، رجلاً من جهينة ورجلاً من بني سليم، وكتب لهما كيف يأخذان الصدقة من المسلمين. قال لهما: مُرَّا بثعلبة وبفلان -رجل من بني سليم- فَخُذَا صدقتهما، فخرجا حتى أتيا ثعلبة فسألاه الصدقة وأقرآه كتاب رسول الله - ﷺ -، فقال: ما هذه إلا جزية، ما هذه إلا أخت الجزية، ما أدري ما هذا، انطلقا حتى تفرغا، ثم تعودان إليّ، فانطلقا وأخبرا السلمي، فنظر إلى خيار أسنان إبله فعزلها للصدقة، ثم استقبلهم بها، فلما رأوها قالا: ما يجب هذا عليك، وما نريد أن نأخذها منك، قال: بلى خذوه، فإن نفسي بذلك طيبة، فأخذوها منه، فلما فرغا مَرَّا على ثعلبة فقال: أروني كتابكما أنظر فيه، فقال: ما هذه إلا أخت الجزية، انطلقا حتى أرى رأيي. فانطلقا حتى أتيا النبي - ﷺ - فلما رآهما قال: يا ويح ثعلبة، قبل أن يكلمهما، ودعا للسلمي بالبركة، وأخبراه بالذي صنع ثعلبة والذي صنع السلمي، فأنزل الله تعالى: ﴿ومنهم من عاهد الله لئن آتانا من فضله لنصدقن﴾ -إلى قوله-: ﴿وبما كانوا يكذبون﴾ وعند رسول الله - ﷺ - رجلٌ من أقارب ثعلبة، فسمع ذلك، فخرج إلى ثعلبة فقال: ويحك يا ثعلبة قد أنزل الله فيك كذا وكذا، فخرج ثعلبة حتى أتى النبي - ﷺ - فسأله أن يقبل منه صدقته فقال: إن الله منعني أن أقبل صدقتك، فجعل يحثو التراب على رأسه، فقال رسول الله - ﷺ -: هذا عملك، قد أمرتك فلم تطعني، فلما أبى أن يقبل منه شيئاً رجع إلى
(١/٥٥٢)