حسنة (١).
وقوله: "هم قائلون" حال معطوفة على "بياتاً" (٢)، كأنه قيل: فجاءهم بأسنا بائتين أو قائلين.
والبيتوتة بالليل، والقَيْلُولة: الاستراحة نصف النهار من اشتداد الحر وإن لم يكن معها نوم (٣). والمعنى: جاءهم عذابنا غير متوقعين له في وقت الدّعة والغفلة؛ إما ليلاً؛ كقوم لوط، وإما نهاراً؛ كقوم شعيب.
فإن قيل: نظمُ الآية يدل على تقدم الهلاك على البأس، وهو العكس؟
قلت: المراد: أردنا إهلاكها؛ كقوله: ﴿ إذا قمتم إلى الصلاة فاغسلوا ﴾ [المائدة: ٦]، وقوله: ﴿ فإذا قرأت القرآن فاستعذ ﴾ [النحل: ٩٨].
وقال الفراء (٤) : وقع الإهلاك والبأس معاً، كما تقول: أعطيتني فأحسنت إليّ.
وذكر ابن الأنباري عن ذلك جوابين (٥) :
أحدهما: أن الكون مضمر في الآية، تقديره: أهلكناها وكان بأسنا قد جاءها، كما أضمر في قوله: ﴿ واتبعوا ما تتلوا الشياطين ﴾ [البقرة: ١٠٢] أي: ما كانت تتلوه.
الثاني: أن في الآية تقديماً وتأخيراً، تقديره: وكم من قرية جاءها بأسنا [بياتاً] (٦) أو هم قائلون فأهلكناها، كقوله: ﴿ إني متوفيك ورافعك إليّ ﴾.

(١)... انظر: اللسان (مادة: بيت).
(٢)... انظر: التبيان للعكبري (١/٢٦٨)، والدر المصون (٣/٢٣٣).
(٣) انظر: اللسان (مادة: قيل)، والصحاح (٥/١٨٠٨).
(٤) معاني الفراء (١/٣٧١).
(٥) ذكرهما ابن الجوزي في: زاد المسير (٣/١٦٨).
(٦) زيادة من زاد المسير (٣/١٦٨).
(١/٧٥)


الصفحة التالية
Icon