ومعنى "أغويتني": أضللتني عن الهدى (١). وقيل: أهلكتني (٢)، من قول العرب: غَوِيَ الفصيلُ يَغْوَى؛ إذا فَقَدَ اللبن فمات (٣).
فعلى هذا سمي التزيين إغواء؛ لإفضائه بصاحبه إلى الهلاك.
قال أبو [معاوية] (٤) الضرير: حدثنا رجل ولم يُسَمِّه قال: كنت عند طاووس في المسجد الحرام، فجاء رجل ممن يُرْمَى بالقدر من كبار الفقهاء، فجلس إليه، فقال [له طاووس] (٥) : تَقوم أو تُقام، فقام الرجل، فقلت لطاووس: تقول هذا لرجل فقيه؟! فقال: إبليس أفقه منه، يقول إبليس: رب بما أغويتني، ويقول هذا: أنا أغوي نفسي (٦).
فإن قيل: ما موقع "ما" في قوله: ﴿ فبما أغويتني ﴾ ؟
قلت: الجزاء؛ على المعنى الأول، ومصدرية في موضع القسم؛ على المعنى الثاني.

(١) وهو قول ابن عباس والجمهور. أخرجه الطبري (٨/١٣٣). وانظر: تفسير ابن عباس (ص: ٢٢٣). وذكره السيوطي في الدر (٣/٤٢٥) وعزاه لابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم واللالكائي في السنة.
(٢) انظر: زاد المسير (٣/١٧٥). وهو قول ابن الأنباري.
(٣) انظر: لسان العرب (مادة: غوى).
(٤) في الأصل: معواية. وهو خطأ. وأبو معاوية هو محمد بن خازم. انظر ترجمته في: التقريب (ص: ٤٧٥).
(٥) زيادة من القرطبي (٧/١٧٥).
(٦) ذكره القرطبي (٧/١٧٥).
(١/٩١)


الصفحة التالية
Icon