فإن قيل: قوله: "معدودة" مُشْعِرٌ بالقِلَّة، ولهذا قال: ﴿دراهم معدودة﴾ [يوسف: ٢٠]، والأوقات والذوات التي يقترن العذاب بانقضائها متكثرة؟
قلت: الأوقات قليلة كسرعة زوالها وقرب تَقَضِّيها وفنائها. قال الله تعالى: ﴿إنهم يرونه بعيداً * ونراه قريباً﴾ [المعارج: ٦-٧]، وكذلك الذوات وإن تعددت، فهي قليلة بالنسبة إلى سائر الذوات المخلوقة.
﴿ليقولن﴾ استهزاء وتكذيباً ﴿ما يحبسه﴾. قال الله تعالى: ﴿ألا يوم يأتيهم ليس مصروفاً عنهم﴾ قال الزجاج (١) :"يوم يأتيهم" منصوب بـ"مصروفاً"، المعنى: ليس العذاب مصروفاً عنهم يوم يأتيهم.
من قال: أنه عذاب الدنيا قال: المعنى إذا أخذتهم سيوف النبي - ﷺ - لم تغمد عنهم حتى يُبادوا وتعلوا كلمة الإسلام.
﴿وحاق بهم﴾ أحدق بهم وأحاط ﴿ما كانوا به يستهزؤون﴾ وهو العذاب الذي كانوا يستعجلون به.
ولئن أَذَقْنَا الْإِنْسَانَ مِنَّا رَحْمَةً ثُمَّ نَزَعْنَاهَا مِنْهُ إِنَّهُ لَيَئُوسٌ كَفُورٌ (٩) وَلَئِنْ أَذَقْنَاهُ نَعْمَاءَ بَعْدَ ضَرَّاءَ مَسَّتْهُ لَيَقُولَنَّ ذَهَبَ السَّيِّئَاتُ عَنِّي إِنَّهُ لَفَرِحٌ فَخُورٌ (١٠) إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أُولَئِكَ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ كَبِيرٌ (١١) فَلَعَلَّكَ تَارِكٌ بَعْضَ مَا يُوحَى إِلَيْكَ وضائق بِهِ صَدْرُكَ أَنْ يَقُولُوا لَوْلَا أُنْزِلَ عَلَيْهِ كَنْزٌ أَوْ جَاءَ مَعَهُ مَلَكٌ إِنَّمَا أَنْتَ نَذِيرٌ
(١/١٢٥)