﴿أولئك الذين خسروا أنفسهم﴾ لأنهم آثروا عبادة الأصنام على عبادة الله تعالى، فخسروا في صفقتهم وغُبنوا غبناً عظيماً، ﴿وضل عنهم ما كانوا يفترون﴾ أي: بطل عنهم ما كانوا يكذبون ويختلقون من الآلهة وشفاعتها.
قوله تعالى: ﴿لا جَرَمَ﴾ قال الزجاج (١) :"لا" نفيٌ لما ظنوا أنه ينفعهم، كأنه قيل: لا ينفعهم ذلك.
وقال سيبويه (٢) عن الخليل: "لا" رَدٌّ لقولهم، و "جَرَمَ": فعل ماض، بمعنى: كسب، المعنى: كسب لهم ذلك الفعل الخسران، تقول: جرم فلان ذنباً، مثل: كسبه، وجرمته: كسبه إياه، ويقال أيضاً: أجرمته ذنباً.
وفي قراءة ابن مسعود: "لا يُجرمنكم شنآن" في المائدة (٣) بضم الياء، وكذلك: أكسبته ذنباً، وأنشد ابن الأعرابي:
................................ وأكسبني مالاً وأكسبته أجرا
والأول أشهر وأكثر، ويقال: فلان جارم أهله، أي: كاسبهم. قال الشاعر:
جَرِيمَةُ ناهِضٍ في رَأْسِ نيق... تَرى لِعِظَامِ مَا جَمَعَتْ صَلِيبَا (٤)
قال الأزهري: وهذا من أحسن ما قيل فيه.

(١)... معاني الزجاج (٣/٤٦).
(٢)... انظر: الكتاب (٣/١٣٨).
(٣)... الآية رقم: ٢.
(٤)... البيت لأبي خراش الهذلي. انظر: ديوان الهذليين (٢/١٣٣)، وتهذيب اللغة (١١/٦٧)، واللسان، مادة: (صلب، جرم)، وشرح أشعار الهذليين (٣/١٢٠٥)، والبحر المحيط (٥/٢١٣)، والدر المصون (٤/٨٨).
(١/١٤١)


الصفحة التالية
Icon