﴿بادي الرأي﴾ اتفقوا على ترك الهمز من "بادي" وعلى إثباته في "الرأي"، إلا أبا عمرو فإنه قرأهما بالعكس من ذلك (١).
ومعنى الكلام: اتبعوك في الظاهر وخالفوك في الباطن، أو اتبعوك في ظاهر الرأي ولم يتدبروا ما قلت ولم يتفكروا فيه، فهو من بدا يبدو. ومن هَمَزَ فهو من الابتداء، أي: اتبعوك حين ابتدؤوا ينظرون.
قال بعض البصراء بالعربية: قوله: "بادي الرأي"، نصب على الظرف، أي: ظاهر الرأي. والعامل فيه "نراك".
فإن قلت: فما قبل "إلاَّ" لا يعمل فيما بعده إلا إذا تم الكلام قبل "إلاَّ". لا يجوز: ما أعطيت أحداً إلا زيداً درهماً.
فإن أبا علي قد كفاك جواب هذا السؤال، وحمل "بادي الرأي" على أنه ظرف لما قبله، ثم رجع عنه في قوله: ﴿وما كان لبشر أن يكلمه الله إلا وحياً أو من وراء حجاب﴾ [الشورى: ٥١]، فحمله على إضمار فعل آخر دَلَّ عليه "يكلم"، على تقدير: أو يكلمهم من وراء حجاب.
وقال: والظرف عندنا في الاثنين على الفعل قبل "إلا"؛ لأن الظرف يُكتفى فيه برائحة الفعل.
قوله تعالى: ﴿وما نرى لكم علينا من فضل﴾ ازدراءٌ منهم لنوح وأتباعه، ﴿بل نظنكم كاذبين﴾ في دعوى نوح الرسالة إلينا.
(١/١٤٦)