فمن أثبت الياء فعلى الأصل، ومن حذفها اجتزأ بلكسرة الدالة عليها عنها كالياء للخفة.
قال أبو علي (١) : من كسر النون فقد عدّى السؤال إلى مفعولين؛ أحدهما: اسم المتكلم، والآخر: الاسم الموصول، وحذفت النون المتصلة بياء المتكلم لاجتماع النونات.
والمعنى: لا تلتمس مني ملتمساً لا تعلم أصواب هو أو غير صواب.
﴿إني أعظك أن تكون من الجاهلين﴾ قال ابن عباس: يعني: من الآثمين (٢).
وقيل: من المباهلين بحقيقة ما وعدتك به من إنجاء أهلك، مستثنى مَنْ سبق عليه القول، فما بالك تسألني إنجاءه متمسكاً بوعدي غير ناظر إلى استثنائي، فكان يجب عليك حين رأيت العذاب قد أحاط به والغرق قد أَلْجَمَه، أن تراجع رشدك، لتعلم أنه ليس من أهلك الذين وعدتك إنجاءهم.
أخرج الإمام أحمد في كتاب الزهد (٣) بإسناده عن وهيب بن الورد قال: ((لما عاتب الله تعالى نوحاً في ابنه فقال: ﴿إني أعظك أن تكون من الجاهلين﴾ بكى ثلاثمائة عام، حتى صارت تحت عينيه مثل الجداول من البكاء)).
﴿قال رب إني أعوذ بك أن أسألك ما ليس لي به علم﴾ أي: أعوذ بك إن طلبت منك ما لا علم لي بجوازه وصحته، ﴿وإلا تغفر لي﴾ ما فرط مني ﴿وترحمني﴾ بالتوبة عليّ ﴿أكن من الخاسرين﴾.
(٢)... ذكره الواحدي في الوسيط (٢/٥٧٦).
(٣)... الزهد (ص: ٦٦).
(١/١٦٩)