والمعنى: هو الذي يسيركم في البر على الدواب، وفي البحر على السُّفُن.
وقوله: ﴿حتى إذا كنتم في الفُلْك﴾ ليس غايةً للتسيير، وإنما هو مرتبط بما بعده، ﴿وَجَرَيْنَ بهم﴾ عدول عن خطابهم إلى الإخبار عنهم، تذكيراً لغيرهم وتعجيباً له من مثل حالهم، والضمير في "وَجَرَيْنَ": للفُلْك، وقد ذكرناه في البقرة، وهو هاهنا جمع.
﴿بريح طيبة﴾ أي: لَيِّنَة لا عاصف ولا قاصف، ﴿وفرحوا بها﴾ أي: بالريح، ﴿جاءتها﴾ يعني: جاءت الفُلْك.
وقال الفراء (١) : وإن شئتَ جعلتها للريح، كأنه قيل: جاءت الريح الطيبة.
﴿ريح عاصف﴾ وهي الشديدة الهبوب، يقال: عَصَفَتِ الرِّيحُ فهي عاصِف وعاصِفَةٌ، وأَعْصَفَت فهي مُعْصِف ومُعْصِفَة (٢).
﴿وجاءهم الموج من كل مكان﴾ أي: من جميع أمكنة الموج، أو من كل مكان في البحر، ﴿وظنوا﴾ أي: وتيقنوا، وقيل: توهموا ﴿أنهم أحيط بهم﴾ أي: دنوا من الهلكة.
قال ابن قتيبة (٣) : وأصله: أن العدو إذا أحاط ببلد، فقد دنا أهله من الهلكة.
﴿دعوا الله مخلصين له الدين﴾ قال ابن عباس: تركوا الشرك، وأخلصوا لله الربوبية (٤).

(١)... معاني الفراء (١/٤٦٠).
(٢)... انظر: اللسان، مادة: عصف.
(٣)... تفسير غريب القرآن (ص: ١٩٥).
(٤)... ذكره الواحدي في الوسيط (٢/٥٤٣)، وزاد المسير (٤/٢٠).
(١/٢٨)


الصفحة التالية
Icon