بجماعتهم على يعقوب، فقالوا: يا أبانا إن يوسف قد أحبَّ أن يخرج معنا، فقال: ما تقول يا بُني؟ قال: نعم يا أبة، قد أرى من إخوتي اللين والعطف، فأنا أحب أن تأذن لي وأن ترسلني معهم، فحينئذ ﴿قالوا يا أبانا ما لك لا تأمنا على يوسف﴾ أصلها: تأمننا، وبه قرأ ابن مقسم (١)، فأدغمت النون الأولى في الثانية، وبقي الإشمام بعد الإدغام دليلاً على ضم النون الأولى.
والإِشْمَامُ هو: ضَمّك شفتيك من غير صوت يسمع.
وقرأت لأبي جعفر: "تأمَنَّا" بفتح النون والإدغام من غير إشمام (٢).
وقرأ الحسن البصري بضم الميم والإدغام من غير إشمام (٣).
﴿وإنا له لناصحون﴾ استنزل لأبيه عن رأيه في رعايته [بعضهم] (٤) وحفظه عنهم بما أظهروا له من آثار مصلحته والشفقة عليه والمحبة له.
المعنى: لِمَ تخافنا عليه ونحن نؤثر مصلحته وننصح له.
﴿أرسله معنا غداً﴾ إلى الصحراء ﴿نرتع ونلعب﴾ اختلف القراء في هذا الحرف، فقرأ ابن عامر وأبو عمرو بالنون فيهما، ومثله ابن كثير إلا أنه كسر العين من "نرتع"، وزادها ياء في الوصل والوقف ابن شنبوذ ونظيف عن قُنْبُل عنه. وقرأ الباقون: "يرتعْ ويلعبْ" بالياء فيهما، إلا أن نافعاً كسر العين من "يرتع" (٥).

(١)... انظر: زاد المسير (٤/١٨٦).
(٢)... إتحاف فضلاء البشر (ص: ٢٦٢).
(٣)... انظر: زاد المسير (٤/١٨٦).
(٤)... في الأصل: بضهم. وفي الكشاف: استنزاله عن رأيه وعادته في حفظه منهم.
(٥)... الحجة للفارسي (٢/٤٣٣)، والحجة لابن زنجلة (ص: ٣٥٥-٣٥٦)، والكشف (٢/٥-٦)، والنشر (٢/٢٩٣)، وإتحاف فضلاء البشر (ص: ٢٦٢-٢٦٣)، والسبعة في القراءات (ص: ٣٤٥-٣٤٦).
(١/٢٨١)


الصفحة التالية
Icon