وقرأتُ ليعقوب الحضرمي من رواية زيد عنه: "نرتع" بالنون، "ويلعب" بالياء (١).
فمن قرأ: "نرتعْ" بسكون العين، فمعناه: يلْهُو وينْعَم ويتسع في أكل الفواكه وغيرها، من رَتَعَ البعير يرْتَعُ؛ إذا أَكَلَ ورَعَى كيف شاء (٢). قال النابغة:
وكلَّفتْني ذنْبَ امرئ وترَكْتَهُ... كذي العُرِّ يُكْوَى غيرُه وهو راتِعُ (٣)
وهذا من جهل العرب، يزعمون أن الإبل إذا أصابها العُرّ، وهو الجَرَبُ، فَكَووا الصحيح بَرَأَ السقيم.
قال المبرد: وكذلك الإنسان في الطعام، وأنشدوا:
وَحَبيبٌ لي إِذا لاقَيتُهُ... وَإِذا يَخْلُو لَهُ لَحْمِي رَتَعْ (٤)
ومن قرأ "يرتِع" بالكسر، فهو يفتعل من الرعي، على معنى: يرتعي ماشيتنا، أو على معنى: نرعى ويحرس بعضنا بعضاً، من الرعاية، وهي الحفظ، على قراءة ابن كثير.
والجزم على جواب الأمر، وهو حذف حركة العين، أو حذف الياء على القراءة الأخرى، فإن أصلها: ترتعي. وحجة من قرأ وأثبت الياء: أن من العرب من يجري الفعل المعتل مجرى الصحيح، فتقول: لم يأتي زيد، وأنشدوا:

(١)... انظر: البحر المحيط (٥/٢٨٦).
(٢)... انظر: اللسان، مادة: رتع.
(٣)... البيت للنابغة. وهو في: ديوانه (ص: ٨١)، واللسان، مادة: (عرر).
(٤)... انظر البيت في: زاد المسير (٤/١٨٧)، واللسان، مادة: (رتع).
(١/٢٨٢)


الصفحة التالية
Icon