﴿وتركنا يوسف عند متاعنا﴾ أي: ثيابنا ﴿فأكله الذئب وما أنت بمؤمن لنا﴾ أي: بمصدق لنا، ﴿ولو كنا صادقين﴾.
قال الزجاج (١) : ليس يريدون أن يعقوب - ﷺ - لا يُصَدِّقُ من يعلم أنه صادق، هذا مُحال، لا يوصف الأنبياء صلوات الله عليهم بذلك، ولكن المعنى: لو كنا عندك من أهل الثقة والصدق لاتَّهَمتَنا بيوسف لمحبتك إياه، وظننت أنا قد كذبْناك.
﴿وجاؤا على قميصه بدم كذب﴾ أي: بدم ذي كذب، والمعنى: بدم مكذوب فيه.
قال اللغويون (٢) : العرب تجعل المصدر في كثير من الكلام مفعولاً، فيقولون: للعقل معقول، وللكذب مكذوب. قال الشاعر:
حتى إذا لم يترُكُوا لعظامه...... لحماً ولا لفؤادهِ معْقُولا (٣)
ويقولون: هذا ماء سكب، وشراب صب، وماء غور، أي: مسكوب ومصبوب وغائر.
وقيل: وُصف بالمصدر مبالغةً، كأنه نفسُ الكذب وعينُه، كما يقال للكذّاب: هو الكذب بعينه، والزور بذاته، ونحوه: فهُنَّ به جُودٌ وأنتَ به بُخل.

(١)... معاني الزجاج (٣/٩٦).
(٢)... انظر: معاني الفراء (٢/٣٨).
(٣)... البيت: للراعي. وهو في: الطبري (١٢/١٦٥)، والقرطبي (١٨/٢٢٩)، وزاد المسير (٤/١٩٢)، ومعاني الفراء (٢/٣٨).
(١/٢٩٣)


الصفحة التالية
Icon