قال أبو عبيد: يذهب الحسن إلى أن الحجة من الله تعالى على أنبيائه أوكد، وهي لهم ألزم، فإذا كان يقبل التوبة منهم كان قبولها منكم أسرع (١).
وذهب أكثر المتأخرين إلى افتراق الهمّين، وأن همّها كان من جهة العزم والاضطرار، وهمّ يوسف من جهة دواعي الشهوة وحديث النفس؛ تنزيهاً للأنبياء عن العزم على المعصية.
واحتج القاضي أبو يعلى رحمه الله بقوله: ﴿معاذ الله إنه ربي﴾ وقوله: ﴿لنصرف عنه السوء والفحشاء﴾، فكل ذلك إخبارٌ ببراءة ساحته من العزيمة على المعصية.
وقال صاحب الكشاف (٢) : لو كان همّه كهمّها عن عزيمة لما مدحه الله تعالى بأنه من عباده المخلصين.
وقد سلكوا في تأويله أيضاً طرقاً لا تصح، منها: ما رووه عن ابن عباس أنه قال: ﴿وهمّ بها﴾ أي: تمناها أن تكون زوجته (٣).
وذكر ابن الأنباري عن بعضهم (٤) : همّ بها أن يضربها ويدفعها عن نفسه.
وحكى الثعلبي (٥) : همّ بالفرار منها.
وتمام الآية يفسد هذه التأويلات ويعكس عليها بالإبطال.
وذهب قطرب إلى أن في الكلام تقديماً وتأخيراً، تقديره: ولقد همّت به ولولا

(١)... ذكره الواحدي في الوسيط (٢/٦٠٨)، وابن الجوزي في زاد المسير (٤/٢٠٧).
(٢)... الكشاف (٢/٤٣٠).
(٣)... زاد المسير (٤/٢٠٥).
(٤)... انظر: زاد المسير (٤/٢٠٦).
(٥)... تفسير الثعلبي (٥/٢١٠).
(١/٣١٢)


الصفحة التالية
Icon