قوله تعالى: ﴿يعلم ما تحمل كل أنثى﴾ كلام مستأنف. ويجوز أن يكون مرتبطاً بما قبله، على معنى: ولكل قوم هاد، فسَّره فقال: ﴿الله﴾ ثم ابتدأ فقال: ﴿يعلم ما تحمل كل أنثى﴾ من علقة أو مضغة، ذكر أو أنثى، تام أو ناقص، حسن أو قبيح، إلى غير ذلك من أحوال الحمل.
﴿وما تغيض الأرحام﴾ تقول: غَاضَ الماء وغِضْتُه أنا (١)، ومنه: ﴿وغيض الماء﴾ [هود: ٤٤] ولا ثالث لهما في القرآن.
فعلى هذا: يجوز أن يكون الفعل متعدياً.
والمعنى: وما تغيضه الأرحام، أي: تنقصه، ﴿وما تزداد﴾ ـهُ من عدد الولد، فإن الأرحام تشتمل على واحد، وتشتمل على اثنين وثلاثة وأربعة.
قال الزمخشري (٢) : روي أن شريكاً كان رابع أربعة في بطن أمه.
قلت: وقد رأيت بالموصل شاباً تام الخلقة رابع أربعة في بطن أمه، وكان أبوه رجلاً مشهوراً في الموصل بعلم الأدب [يقال] (٣) له: عمر العنسيفي، رأيته أيضاً ولم أجالسه.
وذكر الماوردي أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب رحمه الله في فرائض كتابه (٤) قال: أخبرني رجلٌ وَرَدَ عَلَيَّ من اليمن طالباً للعلم -وكان من أهل الدين والفضل-: أن امرأة باليمن وضعتْ حَمْلاً كالكرش، فظُنَّ أن لا ولد فيه، فأُلقي

(١)... انظر: اللسان (مادة: غيض).
(٢)... الكشاف (٢/٤٨٥).
(٣)... في الأصل: يقا. والصواب ما أثبتناه.
(٤)... الحاوي الكبير للماوردي (٨/٤٧٢-٤٧٣).
(١/٤٤٧)


الصفحة التالية
Icon