ويكون "ببالغه"، أي: ببالغ إياه الماء، كان حق الكلام وما هو ببالغه هو، فيظهر "هو" كما ظهر "أنتَ" في قولك: يا ذا الجارية الواطئها أنتَ، بجر الواطئ، ولا يجوز: يا ذا الجارية الواطئها، بالجر بغير إظهار أنت.
قوله تعالى: ﴿وما دعاء الكافرين إلا في ضلال﴾ أي: في ضياع؛ لأنهم إن دعوا الله لم يجبهم؛ لهوانهم عليه، وإن دعوا أصنامهم لم يستطع إجابتهم، فدعاؤهم لا يزال ضائعاً.
قال ابن عباس: أصواتهم محجوبة عن الله (١).
ولله يَسْجُدُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ طَوْعًا وَكَرْهًا وَظِلَالُهُمْ بِالْغُدُوِّ وَالْآَصَالِ)
قوله تعالى: ﴿ولله يسجد من في السموات والأرض طوعاً﴾ يعني: الملائكة والمؤمنين، ﴿وكرهاً﴾ يعني: من أكره على السجود من الكافرين والمنافقين. هذا قول المفسرين (٢).
وأما أهل المعاني فإنهم يقولون: سجود الكاره لله: خضوعه وانقياده لما يريده الله تعالى به من عافية ومرض، وغنى وفقر، وعز وذل، وقوة وضعف، إلى غير ذلك، قَبِلَ ذلك أم أبَى (٣).

(١)... زاد المسير (٤/٣١٨).
(٢)... أخرج نحوه الطبري (١٣/١٣١) عن قتادة. وانظر: الوسيط (٣/١١). وذكر نحوه السيوطي في الدر (٤/٦٣٠) وعزاه لابن أبي حاتم وأبي الشيخ عن قتادة.
(٣)... الوسيط (٣/١١)، وزاد المسير (٤/٣١٩).
(١/٤٦٣)


الصفحة التالية
Icon