حلية، فهو مصدر في موضع الحال من الضمير في "توقدون". ولا يجوز أن يكون "في النار" من صلة "توقدون"؛ لأن المعنى ليس على ذلك، ليس المعنى: أنهم يوقدون في النار، وإنما المعنى: أنهم يوقدون على الذهب في حال كونه ثابتاً في النار. وهذا التدقيق والتحقيق مأخوذ عن أبي علي الفارسي (١)، وقد قيل: أنه لم يسبق إليه.
والمعنى: ومما توقدون عليه من الذهب والفضة وأنواع الفِلِزّ (٢) الذي يذاب مثله في النار ابتغاء حلية صوغ حلية من النقدين، ﴿أو متاع﴾ أي: وابتغاء متاع باتخاذ الأواني والآلات المختلفة من الحديد والصُّفْر (٣) والرصاص ﴿زبد مثله﴾ أي: مثل زبد الماء.
وقوله: "زبد" مبتدأ مثله نعت، والظرف الذي هو قوله: "ومما توقدون" خبر له.
و"من" في "مما توقدون" لابتداء الغاية أو للتبعيض، وتقديره الأول: ومنه ينشأ زبد مثله، وتقدير الثاني: وبعضه زبد مثل زبد الماء.
﴿كذلك يضرب الله الحق والباطل﴾ قال أبو عبيدة (٤) : يمثِّل الله الحق والباطل.
﴿فأما الزبد﴾ مِنَ السيل والفِلِز المضروب مثلاً للباطل وحزبه ﴿فيذهب جفاء﴾ لا ينتفع به.

(١)... الحجة للفارسي (٣/٩).
(٢)... الفلز: النحاس الأبيض تُجعل منه القدور العِظَام المفرَغَة والهاوُنات (اللسان، مادة: فلز).
(٣)... الصُّفْر: النحاس الأصفر (اللسان، مادة: صفر).
(٤)... مجاز القرآن (١/٣٢٨).
(١/٤٦٩)


الصفحة التالية
Icon