وقال قتادة: المعنى: وعند الله جزاء مكرهم (١).
﴿وإن كان مكرهم﴾ مع عظمه وتفاقمه، ﴿لتزول منه الجبال﴾ "وإن" هاهنا نافية، واللام مؤكدة لها، كقوله: ﴿وما كان الله ليضيع إيمانكم﴾ [البقرة: ١٤٣].
والمعنى: ما كان مكرهم وإن تعاظم وتفاقم ليزول منه أمر محمد - ﷺ - وأمر دين الإسلام. وضرب الجبال مثلاً للحق الذي جاء به محمد - ﷺ -؛ لأنه بمنزلتها في التمكن والثبات. ويؤيده قراءة ابن مسعود: "وما كان مكرهم لتزول منه الجبال"، وهذا معنى قول الحسن والزجاج (٢) وجمهور المفسرين وأهل المعاني واللغة (٣).
وقرأ الكسائي: "لَتزولُ" بفتح اللام الأولى ورفع الثانية (٤).
قال أبو علي الفارسي (٥) : من قرأ "لتزولُ" كانت "إنْ" المخففة من الثقيلة، واسمها مضمر، بمعنى: الأمر والشأن، والجملة خبر "إن"، واللام في قوله: "لتزول" هي لام التوكيد، وهذا على تعظيم أمر مكرهم خلاف القراءة الأولى، وهو تعظيم مكرهم كقوله: ﴿ومكروا مكراً كباراً﴾ [نوح: ٢٢]. أي: قد كان مكرهم من عِظَمِه وكِبَرهِ يكاد يزيل ما هو مثل الجبال في [الامتناع] (٦) على من أراد إزالته. يعني: أمر النبي - ﷺ -.

(١)... زاد المسير (٤/٣٧٤).
(٢)... معاني الزجاج (٣/١٦٧-١٦٨).
(٣)... زاد المسير (٤/٣٧٥).
(٤)... الحجة للفارسي (٣/١٧)، والحجة لابن زنجلة (ص: ٣٧٩)، والكشف (٢/٢٧)، والنشر (٢/٣٠٠)، وإتحاف فضلاء البشر (ص: ٢٧٣)، والسبعة في القراءات (ص: ٣٦٣).
(٥)... الحجة (٣/١٨-١٩).
(٦)... في الأصل: الاتساع. والتصويب من الحجة (٣/١٨).
(١/٥٦٥)


الصفحة التالية
Icon