الذين يمثلون في السرعة بالبرق وبالسيل وبالأشياء المسرعة لم يوجد في أشعارها بيتٌ واحد فيه ذكر الكواكب المنقضَّة، فلما [حدثت] (١) بعد مولد النبي - ﷺ - استعملت الشعراء ذكرها، قال ذو الرمة (٢) :
كأنه كوكب في إثر عِفرِيةٍ (٣)... مسوَّمٌ في سواد الليل مُنْقَضِب
والصحيح عندي: أنه كان يرمى بها، وقول ابن عباس محمول على نفي الكثرة لا على نفي أصل الرمي، جمعاً بينه وبين قوله في الرواية الأخرى: كانت الشياطين لا تحجب عن السماوات، فلما ولد عيسى منعت من ثلاث سماوات، فلما وُلد رسول الله - ﷺ - مُنعوا من السماوات كلها (٤).
وقال الزهري: قد كان يرمى بها قبل ذلك، ولكنها غُلِّظَت حين بعث النبي - ﷺ -، وهذا مذهب ابن قتيبة، قال: وعليه وجدنا الشعر القديم (٥).
قال أوس بن حجر، وهو جاهلي:

(١)... في الأصل: حدث. والتصويب من معاني الزجاج (٣/١٧٦).
(٢)... البيت لذي الرمة يصف ثوراً وحشياً. انظر: ديوانه (ص: ٢٧)، واللسان (مادة: قضب، عفر)، والقرطبي (١٠/١١)، وزاد المسير (٤/٣٨٨).
(٣)... العِفْر والعِفْرية -بالكسر- وعُفَارية -بالضم-، والعِفْرية: الداهية، يريد كأنه في سرعته كوكب ينقض في إثر عفريت.
... ومسوّم: أي: واضح ظاهر كالذي به علامة تميزه، ومنقضب: أي: منقض.
(٤)... ذكره الواحدي في الوسيط (٣/٤١)، وابن الجوزي في زاد المسير (٤/٣٨٩).
(٥)... تأويل مشكل القرآن (ص: ٤٣٠).
(١/٥٩٤)


الصفحة التالية
Icon