وتخريب بختنصر بيت المقدس إلى مولد يحيى بن زكريا أربعمائة سنة وأحد وستون سنة.
قال ابن إسحاق: فلما رفع الله تعالى عيسى وقتلوا يحيى بن زكريا -وبعض الناس يقول: لما قتلوا زكريا- ابتعث الله تعالى عليهم ملكاً من ملوك بابل، يقال له: خردوش، فسار إليهم بأهل بابل، ثم ساق الحديث إلى أن قال: ثم انصرف عنهم إلى بابل وقد أفنى بني إسرائيل أو كاد، وهي الوقعة الأخيرة في قوله: ﴿وقضينا إلى بني إسرائيل في الكتاب لتفسدن في الأرض مرتين﴾ (١).
فصل يتضمن الإشارة إلى حديث أرميا عليه السلام
قال وهب بن منبه: لما عظمت الأحداث في بني إسرائيل وعملوا بالمعاصي وقتلوا الأنبياء، أوحى الله تعالى إلى أرميا عليه السلام أني مُهلك بني إسرائيل ومنقم منهم، فَقُمْ على صخرة بيت المقدس يأتك أمري، فقام وجعل الرماد على رأسه وخَرَّ ساجداً، وقال: يا رب! وددتُ أن أمي لم تلدني حين جعلتني آخر أنبياء بني إسرائيل، فيكون خراب بيت المقدس وبوار بني إسرائيل من أجلي، فقيل له: ارفع رأسك، فرفع رأسه وبكى وقال: يا رب! من تُسلِّط عليهم؟ قال: عبدة النيران، لا يخافون عذابي، ولا يرجون ثوابي، قم يا أرميا فاسمع خبرك وخبر بني إسرائيل، من قبل أن أصورك قَدَّسْتُكَ، ومن قبل أن تخرج من بطن أمك طهَّرْتُك، ومن قبل أن تبلغ الأشُدَّ اخترتك، ولأمر عظيم اجتبيتُك، قُمْ فقُصَّ عليهم ما آمرك به، وذكّرهم نعمتي عليهم، وعرّفهم أحداثهم، وقل لهم: يا معشر أبناء الأنبياء
(١)... أخرجه الطبري (١٥/٤١-٤٢).
(١/١٢٩)
(١/١٢٩)